هؤلاء، لأنَّ مَن
رجع إليهم كان شريكًا لهم في الإثم، وعلى من يريد النجاة لنفسه، أن يتعلّم قبل أن
يتكلّم، قال تعالى: ﴿وَلَا
تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ
كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسُۡٔولٗا﴾[الإسرَاء: 36] فالله عز وجل طلب
من نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول: ﴿وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: 86]، فالرسول صلى الله
عليه وسلم لا يقول إلاّ ما يُوحَى إليه، وما ينزَّل عليه، ولا يأتي بشيء من عنده
لأنَّ هذا تكلف وهو بريء من المتكلفين، فالمتكلِّف هو: من يقول على الله بغير علم
في أمور الدين، ثم إنه قد «يمرق من الدين» كما قال أبوموسى الأشعري رضي
الله عنه، فيجرؤ على الكذب وعلى القول على الله بغير علم، ومعنى: «يمرق من
الدين»: يعني: يخرج من الدين.
وأمّا الحديث الآخر
الذي أورده المصنِّف رحمه الله في هذا الباب فهو حديث ابن عمرو رضي الله عنه وهو
حديث عظيم، إذ بيَّن فيه صلى الله عليه وسلم كيفية قبض العلم.
فقد ورد أن العلم يُقبض في آخر الزمان، فكيف يكون قبضه؟ هل معناه أن العلم يرفع؟ لا، ليس هذا معناه، لأنَّه ما دام القرآن والسنة موجودين، فإنَّ العلم باقٍ فيهما، وإنما يُقبض العلم بموت العلماء الذين يحملونه ويأخذونه من الكتاب والسنة أخذًا صحيحًا، وإنما يُقبض العلم بموتهم، فلا يُمحى العلم من الصدور، ولكن بموت حَمَلته، فهم في النهاية سيموتون كما قال الله تعالى: ﴿كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ﴾ [آل عِمرَان: 185]، وهذه سنة الله عز وجل في خَلْقه، وما زال الأنبياء والعلماء يموتون، ولكن المشكلة تَكْمُن بتصدُّر الجهّال الذين يتعاطون مناصب العلماء في الفتيا والتعليم، فيفتون بالجهل بعد الفراغ الذي تركه رحيل العلماء.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد