×
شرح كتاب الكبائر

وفي هذا يَحسُن بنا القول: إنَّ الطالب مهما حصّل من الدراسات في الجامعات، فهذا وحده لا يكفي ولا يليق بصاحبه أن يقتصر عليه بل يواصل التزود من العلم، والدراسة التي درسها مفتاح ومدخل إلى العلم، ولأنَّ صاحب الشهادة في النهاية سينسى ما درس، فالأصل في طالب العلم أن يواصل التحصيل العلمي والمدارسة والاطلاع ومجالسة العلماء هذا من ناحية. ومن الناحية الأخرى أن العلماء يموتون ولا يخلفهم أحد يقوم مقامهم، كما كان الحال في أول الإسلام، فكان العالم إذا مات خَلفَه طلابٌ وتلاميذ وذرية يحملون علمه وينشرونه بين الناس، لكن في آخر الزمان يُفقد هذا، فإذا لم يبقَ عالم يرجع إليه الناس، فماذا يفعلون وهم محتاجون إلى مرجع؟ سيتخذون رؤوسًا جهالاً يجعلونهم في مكان العلماء، فإذا سُئلوا أفتوا بغير علم فضلّوا في أنفسهم، وأضلّوا غيرهم، وهذا خطر على الأمة يجب أن نتنبه له، وهذا يؤكد أنه ينبغي على المسلمين أن يهتموا بالعلم ودراسته، والعمل على إبقائه لئلا ينسوه بموت العلماء، ولهذا كان المسلمون يهتمون بالتعليم عناية تامة، وكانوا يفتحون له المدارس والحلقات.

ولقد تنبّه ولاة الأمور إلى أهمية ذلك، ففتحت المعاهد والكليات، وقُررت فيها المقررات، وأجرى ولي الأمر الإعانات المالية للطلاب، وهذه ميزة عظيمة لهذا البلد، كل هذا من أجل الحفاظ على العلم من الضياع، في حين نرى أنَّه في الدول الأخرى، التي يوجد بها دور علم أنَّ الدراسة تكون على نفقة الطالب، فالدولة لا تدفع له شيئًا، أما في


الشرح