×
شرح كتاب الكبائر

وأما الحديث الآخر الذي أورده المصنِّف رحمه الله في هذا الباب، فهو حديث أبي بكرة رضي الله عنه، فقد جاء في الصحيحين وفيه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر» ثلاث مرات، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «الشرك، وعقوق الوالدين» وكان متكئًا فجَلَسَ، فقال: «ألا وقول الزور، وشهادة الزور، وقولُ الزُّور، وشهادةُ الزُّور» فما زال يقولها حتى قلت: ليته يسكتُ، أي: إشفاقًا عليه لما رأى من تأثره صلى الله عليه وسلم عند إلقاء هذه الكلمة، مما يدلُّ على خطرها.

الكبيرة الأولى: الشرك بالله: فهو عبادة غير الله عز وجل لأنَّ العبادة حق لله لا يُشرك معه أحد، وهذا أعظم الذنوب.

والكبيرة الثانية: عقوق الوالدين، فالواجب بر الوالدين والإحسان إليهما، وحق الوالدين يأتي بعد حق الله تعالى، وعقوقهما يأتي بعد الشرك بالله في المرتبة، والمراد بالعقوق: القطيعة، والعاق هو القاطع لوالديه غير البارِّ بهما، وهو من أكبر الكبائر بعد الشرك.

والكبيرة الثالثة: شهادة الزور.

وفي الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم كان متكئًا ثم لَمَّا أراد أن يذكر قول الزور جلس، واعتدل لأهمية الأمر، فغيّرت هيئة جلوسه صلى الله عليه وسلم ثم ردَّد الكلام، وهذا فيه حالتان للرسول صلى الله عليه وسلم: الحالة الأولى: أنه غيّر جلسته صلى الله عليه وسلم، والحالة الثانية: أنه كرَّر وردَّد هذه الكلمة، وهذا مما يـدلُّ على غلظ شهادة الزور، فلماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك عند قوله: «ألا وشهادة الزور» ولم يفعل ذلك عند قوله: «الشرك»؟، الجواب: لأنَّ الشرك


الشرح