×
شرح كتاب الكبائر

فانظر لهذا الخطاب الـوارد في الآية، فسترى أنَّه حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لو أشركوا لحبط عملهم وصاروا من الخاسرين، فكيف بغيرهم؟! وهذا يبيّن مدى خطورة الشرك، وأنه لا ينفع معه عمل عند الله سبحانه وتعالى حتى لو كان الإنسان مصلّيًا وصائمًا ومنفقًا، فإنَّ أعماله باطلة، لأنها لم تؤسس على أصل وهو التوحيد، ولذلك صار الشرك أعظم الموبقات، وهو أعظم ما نُهِيَ عنه، ومن هنا يجب الاهتمام بأمور العقيدة، ومعرفة ما يجب في حق الله، وما لا يجوز، ومعرفة الشرك وأنواعه لكي يُجتَنب، فكيف يجتنب المسلم ما لا يعلمه. فالبعض يقول: إن الشرك هو أن تعتقد أنَّ هناك من يخلق ويدبر مع الله، نقول: نعم هذا شرك في الربوبية وأكثر المشركين لا يقولون به، وهذا قليل وقوعه في العالم، فأكثر المشركين يوحّدون الله توحيد الربوبية، وإذا سألتهم: مَنْ خلقهم؟ فسيقولون: الله، وفي هذا يقول سبحانه: ﴿قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ[يُونس: 31]، فهؤلاء لم يقولوا: إنَّ هناك من يدبّر الأمور مع الله سواء كان في الأولياء والصالحين أو الأصنام، هم يعترفون بهذا، يعني: بتوحيد الربوبية، إنما يخالفون في توحيد الألوهية، أي: توحيد العبادة، وهذا هو الذي وقع فيه الخلاف بين الأنبياء والأمم، ولكن لا ينفع أن يُقرّ العبد بتوحيد الربوبيّة دون توحيد الألوهية، ولذلك جاءت الرسل تدعو إلى توحيد الألوهية وتجاهد من أنكره، والذي يقول: إنَّ الشرك هو أن تعتقد أن


الشرح