×
شرح كتاب الكبائر

العالم مبنيًّا على الرِّبا، ولا ينجو من الرِّبا إلاّ من سلّمه الله منه وعرفه وابتعد عنه، وإلاّ فأكثر الناس واقعون في الربا تبعًا للاقتصاد العالمي كما يقولون! وهذا أمرٌ خطير جدًّا على الأفراد والمجتمعات لأنَّ الله عز وجل قد حذَّر منه وتوعَّد المتعاطين له بالمحق ونزع البركة فقال: ﴿يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ[البَقَرَة: 276]، وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ٢٧٨ فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ[البَقَرَة: 278-279]، وفي الحديث: لَعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم آكلَ الرِّبا ومُوكِلَه وكاتِبَه وشاهدَيه وقال: «هُمْ سَواء» ([1])؛ فلعن آكل الربا، وهو الذي يأخذ ولعن موكله الذي يدفعه للآكل، ولعن الكاتب والشاهدين، لأنهم يوثقون عقد الربا ويتعاونون مع المرابين في شهادتهم وكتابتهم، فالجميع ملعونون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعُبِّر بالأكل هنا، لأنه أغلب وجوه الانتفاع وإلاَّ لو أخذه ولم يأكله بل جعله في بناء العمارات أو شراء السيارات، أو جعله أرصدة في البنوك لكان ملعونًا، سواء أكله أو لم يأكله، وقد قال الله سبحانه عن اليهود لما كانوا يتعاملون الربا:﴿وَأَخۡذِهِمُ ٱلرِّبَوٰاْ وَقَدۡ نُهُواْ عَنۡهُ[النِّسَاء: 161]، فأخذ الربا موبقة من الموبقات، وملعون من تعامل به، سواء أكله أو لبسه، أو حفظه في رصيده أو غير ذلك.

الموبقة الخامسة: «وأَكْلُ مال اليتيم» واليتيم: هو الذي مات أبوه وهو صغير، فهو بحاجة إلى من يحفظ له ماله وينمِّيه له، لأنَّ والده


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1598).