×
شرح كتاب الكبائر

المسلمين، والله سبحانه عبَّر عن انتصار الكفار بالنصيب لأنَّ انتصارهم على المؤمنين نادر وحينئذ قالوا للكفار: ﴿أَلَمۡ نَسۡتَحۡوِذۡ عَلَيۡكُمۡ وَنَمۡنَعۡكُم مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ؟ فهم مع الذي له الغلبة، لأنهم أصحاب مصالح دنيوية وليسوا أصحاب دين، بخلاف المؤمنين الثابتين على دينهم في الشدة والرخاء والعسر واليسر.

لما ذكر المصنف رحمه الله الأدلة من القرآن على ذم ذي الوجهين والوعيد الشديد في حقه، ذكر دليل السنة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بقوله: «تجدون شر الناس» أي: أشد الناس شرًّا، والكافر المصرِّح بكفره وإن كان شرًا فشره أخف من شر المنافق، لأنه يُعرف بأنه عدو، وتتخذ معه الأسباب الواقية من شره، كأن يكون معاهدًا أو مُسْتأمنًا، فيكون بينه وبين المسلمين عقد وعهد، أمَّا المنافق فهو أشد خطرًا من الكافر، لأنه مظهر للإيمان مبطن للكفر، ويطعن المسلمين من الخلف، فهو يعيش بين ظهرانيهم ويعرف أحوال المسلمين وأسرارهم ويبديها لأعدائهم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «ذي الوجهين» ولم يقل: الكافر، بل قال: «الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه» يعني أنه متذبذب، فهو إذا كان مع طائفة من الناس بيّن لهم أنه يودهم وأنه يحب لهم الخير، وإذا انقلب إلى الطائفة الأخرى أخبرهم: أنه معهم وذم الطائفة الأولى وتكلّم في حقهم.

وفي حديث أنس رضي الله عنه بيان لمعنى «ذي الوجهين»، حيث ذكر أنَّه الذي يكون له لسانان مع الناس، إن أتى مع طائفة مدحها بما يرضيها، وإن أتى مع عدوها مدحها وذم الأولى، فهو يستغل لسانه فيما يرضي


الشرح