×
شرح كتاب الكبائر

الله رَدْغَة الخبال، وردغة الخبال: منزلة قبيحة في النار ‑ والعياذ بالله‑ وكل النار قبيحة، ولكن هذه المنزلة فيها زيادة عذاب، وجاء في معنى ردغة الخبال في حديث آخر: أنها: «عصارة أهل النار»([1])، والعياذ بالله ‑ فيشرب منها، إهانةً له بسوء صنيعه، فدلّ هذا على عظم حرمة المؤمن عند الله سبحانه وتعالى، وأنه لا يجوز أن تُنتهك، وأنَّ من انتهك حرمة المؤمن فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، ولهذا يجب احترام المؤمنين وتقديرهم، وعدم تحقيرهم والإقلال من شأنهم، لأنَّ المؤمن كريم عند الله تعالى، فقد أعزَّه الله وكرّمه بالإيمان، فالمؤمنون هم الأعلون في الدنيا والآخرة، والذين ينتقصونهم ويحتقرونهم ويقلِّلون من شأنهم داخلون في قوله تعالى: ﴿فَقَدِ ٱحۡتَمَلُواْ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا فَضْلاً عمّا أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أن الله سبحانه وتعالى يهينهم يوم القيامة بأن «يُسكنهم رَدْغة الخَبال  حتى يخرج القائل مما قال» في أخيه وذلك بالتوبة من هذه الكبيرة ويتحلل من المَقول فيه.

وأمّا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو ثاني حديثي الباب، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: «أتدرون ما الغيبة؟»  فهو تفسير لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ [الحُجرَات: 12]، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد فسَّر الغيبة في حديث أبي هريرة وبيَّنها، وهذا من تفسير السُّنة النبوية للقرآن، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يلق عليهم التفسير ابتداءً لأهميته بل سألهم عن معنى الغيبة من أجل التنبه، وهذا


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2002).