×
شرح كتاب الكبائر

فيه التعليم بطريقة السؤال والجواب في الأمور المهمة، «فقالوا: الله ورسوله أعلم»، فيه: أنَّ المسلم إذا سئل عن شيء وهو لا يدري بأنه لا يتخرّص، بل يحيل السائل إلى من يعلم الجواب، ويقول: اللهُ أعلم، فقال صلى الله عليه وسلم: «الغيبة ذكرك أخاك بما يكره» فلا تذكر عيوب أخيك، لأنه يكره ذلك كما أنه لو ذكر هو عيوبك لكرهت أنت ذلك، فكيف ترضى لأخيك ما لا ترضاه لنفسك؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبُّ لأخيهِ ما يُحِبَّ لِنَفسِهِ»([1])؛ فعِرض أخيك مثل عرضك، فكما لا ترضى أنت أن يمس عرضك بالغيبة، فلا تَرْضَ أن يمس عرض أخيك بالغيبة، أما أن تذكره بما يحب، كأن تُثني عليه وتمدحه في غيبته، فهذا شيءٌ طيب وهو لا يكرهه، وهذا فيه رفعٌ من شأنه، لأنَّكَ أنت لا تكره أن يثني عليك أحد ويمدحك في غيبتك، فعليك أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «ذكرك أخاك» لأنَّ المؤمن أخو المؤمن، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ [الحُجرَات: 10]، فكيف تغتاب أخاك المؤمن.

وقوله: «بما يكره» أما إذا ذكرته بما يحب فهذا من الإحسان إليه، ثم إنهم سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم: كيف يكون هذا غيبة؟ أي: والكلام الذي قلته موجود فيه، قال صلى الله عليه وسلم: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته» لأنَّه يكره هذا الكلام ولو كان معناه موجودًا فيه، فالمسلم يستر أخاه المسلم


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (13)، ومسلم رقم (45).