في عهده رضي الله
عنه، استشار الصحابة في أنَّ الأربعين جلدة لا تردع شاربي الخمر، فأشاروا عليه أن
يرفع حدَّ الجلد إلى ثمانين جلدة قياسًا على حدِّ القاذف الوارد في قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ
ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ
ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ﴾[النُّور: 4]، قالوا: إذا سكر
هذى، وإذا هذى افترى، يعني: قذف بالزنى أو باللواط فلا يملك لسانه، ومن هذا الوجه
قاسوه على القذف وأوجبوا فيه الحدَّ ثمانين جلدة، وهذا من سنة الخلفاء الراشدين،
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «عَلَيكُم بِسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ
المَهْدِيِّينَ الرّاشدينَ عَضُّوا عليها بالنَّواجِذ»([1]). فالشاهد من الحديث
الذي ساقه المصنف أن الرسول صلى الله عليه وسلم جلده، فدلّ هذا على أنَّ شارب
الخمر يُجلد، وأنَّ هذا حدٌّ من حدود الله، ولما جلدوا هذا الرجل، وانتهوا وذهب
الرجل، قال أحد الحاضرين: أخزاك الله، وفي رواية: «اللهم العَنْهُ»([2]). فقال لهم صلى الله
عليه وسلم: «لا تقولوا هذا، لا تعُينوا عليه الشَّيْطان» لأنه قد يؤثر
عليه، فيقع في شرب الخمر مرةً ثانية، فيكون دعاؤكم عليه إعانة للشيطان عليه في
ارتكاب المعصية وهي شرب الخمر.
فدلّ هذا على أنَّ الإنسان إذا أُقيم عليه الحد، فإنه يجب أن لا يتكلَّم فيه من قِبَل الآخرين ولا يُذمّ، يكفي أنه أُقيم عليه الحد، فلا يُزاد على الحد بالتوبيخ أو بالذم، لأنه مؤمن والمؤمن له حرمة، هذه ناحية، والناحية الأخرى أن هذا قد يعين عليه الشيطان فيكابر ويشرب الخمر،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد