×
شرح كتاب الكبائر

فهذا فيه تحذير من المعاونة على الخصومة بالباطل، فمن فعل وأعان على ذلك فقد عرَّضَ نفسه لعقاب الله سبحانه وتعالى.

وقوله تعالى: ﴿مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ [النِّسَاء: 85]، الشفاعة قسمان: الأولى: شفاعة عند الله تعالى، وهذه له شروطها كما جاءت في الكتاب والسنة، والثانية: عند المخلوقين.

والشفاعة: هي ما يسميها الناس اليوم الوساطة، والوساطة في تحصيل الطلب، هي: أن يتقدم شخص بطلب من الوالي، أو الحاكم شيئًا له فيه مصلحة، وليس فيه ظلم أو عدوان على أحد، لكن قد يكون الحاكم لا يلقي بالاً لهذا الطلب، لأنَّ الطالب ليس ذا شأن، أو لا يعرفه الحاكم، فيأتي بعض الناس فيشفعون عند الحاكم لهذا الطالب في طلبه. والشفاعة مأخوذة من الشفع.

والشفع: ضد الوتر، فصاحب الطلب كان منفردًا في طلبه، ثم جاء هذا بالواسطة فصار شافعًا له، فتحول بذلك من كونه منفردًا في طلبه إلى أن أصبح شفعًا.

والشفاعة في الخير وفيما ينفع الناس مطلوبة، وفيها أجرٌ عظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اشْفَعُوا تُؤْجَروا»، ويقضي الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ما يشاء([1])، فالشافع في الخير مأجور، سواء قبلت شفاعته أم لم تقبل، لأنَّ الله يقول: ﴿مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ، لأنَّ هذا من التعاون على البر والتقوى، ومن جَلْب النفع للمسلمين.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1432)، ومسلم رقم (2627).