×
شرح كتاب الكبائر

وقوله تعالى: ﴿مَّن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ، أي: نصيب من أجرها، فالحاكم إذا استجاب وأعطى هذا الطالب ما ينفع ويفيد، صار للحاكم أجر وللشافع أجر، ولهذا قـال: ﴿نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ أي: يناله نصيب مع الحاكم أو الشخص الذي أجاب الطلب بما ينفع، وهذا ترغيب من الله في الشفاعة في الخير، ثم قال تعالى: ﴿وَمَن يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةٗ سَيِّئَةٗ، فهذا في مقابل الشفاعة الحسنة، وهي الشفاعة بالباطل أو في ظلم وعدوان أو في أخذ حقوق الناس، هذا شفاعة سيئة، ﴿يَكُن لَّهُۥ كِفۡلٞ مِّنۡهَاۗ أي: نصيب منها، فيكون على الذي أجاب الشَّفاعة وهو الوالي أو من عنده الطلب إثم يشترك فيه مع الشافع، وهذا فيه تحذير من الشفاعة بالباطل لأخذ حقوق الناس، كما أنَّ منع إقامة الحدود فيه إعانة للظالم على ظلمه، وهذا من الشفاعة السيئة، وسيأتي ذكر ما فيها من الوعيد.

وهذه الآية قسمت الشفاعة إلى نوعين:

شفاعة حسنة: حثَّ الله عليها ورغَّب فيها، ورتب عليها الأجر والثواب، ولهذا ينبغي للمسلم أن يسعى فيها ولا يتوانى، لأنَّ هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وما ينفع المسلم به أخاه المسلم.

والنوع الثاني: شفاعة سيئة، وهي ما يحصل بها ظلم للناس أو مصادرة لحقوقهم بسبب الشافع، ومناصرة للظالم على المظلوم، فهذه الشفاعة ينال الشافع ﴿كِفۡلٞ أي: نصيب من إثمها وشرِّها، وهذا محلّ الشاهد من الآية التي في الباب.


الشرح