×
شرح كتاب الكبائر

عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ حالَتْ شَفاعَتُه دونَ حَدٍّ من حُدودِ الله، فقد ضادَّ اللهَ في أمرِه، ومَنْ خاصَمَ في باطِلٍ وهو يَعلَمُ أنَّه باطلٌ، لَم يَزَلْ في سَخَطِ الله حَتَّى يَنْزِعَ، ومَنْ قالَ في مُؤْمِنٍ ما ليسَ فيه، أسَكَنَه اللهُ رَدْغَةَ الخَبالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمّا قال» ([1]).

وفي رواية: «ومَن أعان على خُصومةٍ بظُلمٍ، فقد باءَ بغَضَبٍ منَ الله عز وجل َ». رواه أبوداود بسندٍ صحيح ([2]).

****

قوله صلى الله عليه وسلم: «من حالت شفاعته دون حدٍّ من حدود الله»، الحدُّ: هي العقوبة المقدرة التي شرعها الله في معصية لتمنع من الوقوع في مثلها، كحدِّ الخمر والزنى والقذف، وسائر الحدود التي شرعها الله سبحانه، فإذا تقرر الحدُّ على شخص فلا يجوز لأحدٍ أن يشفع فيه، لأنه إن فعل فقد عطّل حدًّا من حدود الله، وفي هـذا فساد للمجتمع وسَعْيٌ في شفاعة سيئة، وأشدّ من ذلك أنَّه «ضادَّ الله في أمره»، أي: خالف أمره لأنَّه سبحانه أمر بإقامة الحدود على مستحقيها.

وهذا الذي يشفع ويخالف الله في أمره، وينازعه سبحانه في هذا الأمر توعَّده الله بالوعيد الشديد، فإذا تقرَّرت الحدود وحكم بها القاضي فلابد من تنفيذها، ولا يجوز الشفاعة فيها، فقد سرقت امرأة من بني مخزوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، وشقَّ ذلك على أهلها، فذهبوا إلى أُسامة بن زيد رضي الله عنه، حِبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلبوا منه أن يشفع لهم عنده صلى الله عليه وسلم بأن لا تُقطع يدها، حينها تكلّم


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3597)، وأحمد رقم (5385).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (3598).