×
شرح كتاب الكبائر

النبي صلى الله عليه وسلم وغضب غضبًا شديدًا، وقال: «أتَشفَعُ في حَدٍّ من حُدودِ الله؟»  إلى أن قال: «وايْمُ الله لَو أنَّ فاطِمَةَ بنتَ مُحمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها»([1])، فالشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب على أسامة، مع أنه يحبه ويحب أباه، بسبب أنه شفع في حدٍّ من حدود الله، وأنكر عليه ذلك، وأقسم وهو الصادق المصدوق أنه لا يُحابي أحدًا في حدود الله، حتى ابنته فاطمة لو سرقت لقطع يدها، ولا يشفع لها كونها ابنة لرسول الله، فهو القائل في الحديث نفسه: «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرقَ فيهم الشريف تركوه، وإذا سرقَ فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد». وقد كان هذا من فعل الأمم السابقة، التي غضب الله عليها، فلا يجوز أن يكون في هذه الأمّة، فمن وجب عليه القصاص وطالب أهل الدم بإقامته فلابُدَّ من إقامة القصاص عليه إلاّ إذا أسقط أهل القصاص حقهم، وعفوا عنه، أما إذا طالبوا به، وجاء من يريد أن يمنعهم حقهم، فقد ضادّ الله، وكذلك الأمر في سائر الحدود، فإنَّه لا يجوز الشفاعة فيها.

وحقوق الناس كذلك، فلا تجوز الشفاعة فيما يسقط حقًّا من حقوقهم، فهذه هي الشفاعة السيئة، والعياذ بالله.

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنه: «ومن خاصم في باطلٍ وهو يعلم أنه باطل» وهذا محل الشاهد من الحديث، أنَّ من خاصم في باطل أو أعان على الخصومة في الباطل، فقد أتى إثمًا عظيمًا، وهذا فيما إن كان


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3475)، ومسلم رقم (1688).