×
شرح كتاب الكبائر

وقوله: «والمهاجر منْ هَجَرَ ما نهى الله عنه» الهجرة في اللغة: هي ترك الشيء، قال تعالى:  ﴿وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ[المدَّثِّر: 5]؛ أي: اترك عبادة الأصنام، ومنه ترك الوطن والخروج منه إذا كان في بقائه فيه مضرَّة على الدين، فالمسلم يفرُّ ويخرج بدينه إلى مكان يأمن فيه على دينه، لذلك قال العلماء في تعريف الهجرة: هي الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فرارًا بالدين، كما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة فِرارًا بدينهم، والهجرة باقية إلى قيام الساعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنقطعُ الهِجرةُ حتى تنقَطِعَ التَّوبةُ، ولا تنقطعُ التَّوبةُ حتى تخرجَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها»([1])، أي عند قيام الساعة حين تخرج الشمس على خلاف مخرجها من المشرق فتخرج من المغرب، يقول الله تعالى: ﴿يَوۡمَ يَأۡتِي بَعۡضُ ءَايَٰتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفۡسًا إِيمَٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ[الأنعَام: 158]، فإذا خرجت الشمس من مغربها تنقطع الهجرة ويُغلق باب التوبة، ويبقى المسلم على إسلامه والكافر على كفره عليه علامة الكفر.

وأمَّا قوله صلى الله عليه وسلم: «لا هجرة بعد الفتح»([2])، أي: من مكة، فلا هجرة من مكة إلى المدينة لأنها أي: مكة صارت بلد إسلام بعد فتحها، أمَّا الهجرة العامة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام فهي باقية. والمقصود أنَّ المهاجر كامل الهجرة مَن ترك الشرك وترك المعاصي كالزنى وشرب الخمر وكل ما نهى الله عنه، وترك بلاد الكفر، فالهجرة تكون بالبدن،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (2479)، والدارمي رقم (2555)، وأحمد رقم (16906).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2783).