×
شرح كتاب الكبائر

ولهما ([1]) عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بَقبْرين فقال: «إنَّهُما لَيُعَذَّبانِ وما يُعذَّبانِ في كَبيرٍ، بلى إنه كبير، أمّا أحَدُهما فكان لا يَسْتَبرئُ مِنَ البَوْلِ، وأمّا الآخَرُ فكانَ يَمشِي بالنَّميمةِ».

أخرج البخاري في «الأدب المفرد» ([2])  نحوه من حديث جابر، وفيه: «أمّا أحَدُهما فَكانَ يَغتابُ الناسَ».

ولأحمد بسند صحيح معناه من حديث أبي بكرة ([3])، ولأبي داود الطيالسي ([4]) عن ابن عباس مثله بسند جيد.

****

 أما حديث ابن عباس «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين وقال: إنهما ليعذبان...»  فأحوال أهل القبور لا يعلمها إلاَّ الله تعالى، ولكن الله يطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على ما يشاء، فقد أطلعه الله تعالى على حالهما، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، أما نحن فنمر على القبور فلا نرى شيئًا، فهم في عالم ونحن في عالم آخر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنهما يعذبان»، وهذا دليل على أن العبد يُعذّب في قبره، فنحن نؤمن بذلك كما أخبر الله ورسوله، فعذاب القبر ثابت بالتواتر وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ بالله منه في التشهد الأخير من الصلاة، ففي الحديث استعيذوا بالله من أربع: «اللهمَّ إنِّي أعوذُ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال »([5]) فلا ينكر عذاب


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (1361)، ومسلم رقم (292).

([2])  أخرجه: البخاري في «الأدب المفرد» رقم (735).

([3]) أخرجه: أحمد رقم (1981).

([4])  أخرجه: أبو داود الطيالسي رقم (2646).

([5])  أخرجه: البخاري رقم (4707)، ومسلم رقم (2706).