×
شرح كتاب الكبائر

وله ([1]) عن عَرْفَجَة الأشجعيِّ رضي الله عنه مرفوعًا: «من أتَاكُمْ وأَمَرُكُم جَميعٌ على رَجُلٍ واحدٍ، يُريدُ أن يَشُقَّ عَصاكُم، ويُفرِّقَ جَمَاعَتَكُم فاقتلوهُ».

****

مستقيمين ما لم يصلوا إلى حد الكفر، وذلك لجمع كلمة المسلمين، وهذا من ارتكاب أخف الضررين لدفع أعلاهما، وقوله: « وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك» فيه دليل على وجوب السمع والطاعة للأمير ولو نالك منه ظلم، فالواجب ‑ والحالة هذه ‑ الصبر وعدم شق عصا الطاعة، لما يترتّب على ذلك من المفاسد، وهذا مع الولاة العصاة، فكيف مع الولاة الصالحين والعادلين، الذين لم يحصل منهم تعدٍّ على حدود الله، ولا بُـدَّ من الإشارة إلى أن العباد إذا أساؤوا مع الله، فإنَّ الله يُسلِّط عليهم الولاة الظلمة، قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ[الأنعَام: 129].

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عرفجة: «مَنْ أتاكُمْ وأَمرُكم جَميعٌ عَلَى رَجُلٍ واحدٍ يريد أن يَشُقَّ عصاكم، ويفرِّق جماعتكم فاقتلوه» يدلُّ هذا الحديث أنه إذا تم الأمر وانعقدت البيعة للأمير واجتمعت الكلمة، ثم قام مَن يريد أن يشق عصا الطاعة، ويفرق الجماعة، فإنه يجب قتله لإراحة المسلمين من شرِّه، وهذا من باب دفع الشر العظيم بالشر الأقل، فيقتل وإن كان مسلمًا؛ لأن قتله أقلُّ مفسدة، وهذا يدلُّ على أنه لا تجوز طاعة دعاة الضلال، الذين يتلمسون العثرات ويتتبعون زلاّت وُلاة الأمور فينشرونها من أجل إثارة الفتنة، فلا بُدَّ من الحذر من هذا


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1852).