ولهما ([1]) عن حذيفة أن عمر قال: أيُّكُم يحفظُ قَولَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
في الفِتَنِ؟ فقلتُ: أنا، فقَال: هاتِ، فإنَّكَ عَلَيْهِ لَجَريءٌ، فقلت: سَمعتُه
يقول: «فِتنةُ الرَّجُلِ في أهلِه وَمالِه وَوَلَدِه وجارِه، تُكَفِّرُها
الصَّلاةُ والصِّيامُ والصَّدَقةُ والأمْرُ بالمَعْروفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ»
فقال: ليس هذا أُريدُ، إنَّما أُريد التي تَموجُ كَمَوْجِ البَحْرِ، فقلت: ما لَكَ
وَلَها يا أميرَ الـمُؤمنين؟ إنَّ بَينَك وبَينَها بابًا مُغْلَقًا، فقال:
يُفْتَحُ البابُ أم يُكسَرُ؟ قلتُ: بَل يُكسَرُ، قال: ذلك أجْدَرُ أن لا يُغْلَقَ،
فقلتُ لحذيفة: أَكانَ عُمرُ يَعْلَمُ مَنِ البابُ؟ قال: نَعَم، كما أنَّ دونَ غَدٍ
اللَّيْلَةَ، إنِّي حَدَّثتُه حَدِيثًا لَيسَ بالأغاليطِ، فَهِبْنا أن نسأَلَه
مَنِ البابُ، قُلنا لِمَسْروقٍ: اسألَهُ، فسَألَهُ فقال: عُمَرُ.
****
وفي هذا الحديث من
الفوائد: الحثُّ على اعتزال الفتن، هذا لا يعني أن لا يُحذِّر النَّاس منها، بل
يتركها في نفسه وينهى عنها كما يحب لنفسه عدم الوقوع فيها.
أما قول عمر: «أيَّكم يَحفَظُ قَولَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الفِتَن؟»، وكان عمر قد سأل الحضور عنده عن الفتن، فتقدم حذيفة للإجابة، لأنه كان خبيرًا بها، فقال له عمر: «هاتِ فإنك عليه لجريءٌ» فأخبره أنَّ الفتن على قسمين: فتن صغيرة تكفرها العبادات، وفتن غليظة، والصغيرة: كفتنة الإنسان في زوجه إذا كان له أكثر من زوجةٍ، بأن يميل إلى واحدة أكثر من الأخريات، وكذلك في ولده، وفي هذا قال تعالى: ﴿إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ﴾ [التّغَابُن: 15]، فقد ينشغل الإنسان بماله
([1]) أخرجه: البخاري رقم (525)، ومسلم رقم (144).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد