×
شرح كتاب الكبائر

ولمسلم ([1]) عن أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «إنَّها سَتَكونُ فِتَنٌ، ألا ثُمَّ تَكون فِتنةٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ من الماشي، والماشي فيها خَيْرٌ من الساعي إليها، ألا فإذا نَزَلَت أو وَقَعَتْ، فمَن كانَ له إبلٌ فليَلْحَقْ بإِبِلِهِ، ومَن كانَ له غَنَمٌ فلْيَلْحَقْ بغَنَمِه، ومَن كَانَ له أرضٌ فلْيَلْحَق بأَرْضِهِ». فقال رَجُلٌ: يا رَسولَ الله، أَرَأَيْت مَن لَم يَكُنْ له إبلٌ ولا غَنَمٌ ولا أرْضٌ؟ قال: «يَعمِد إلى سَيفِه فيَدُقُّ على حَدِّه بحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إنِ استَطاعَ النَّجاةَ» ثم قال: «ألا هَلْ بَلَّغتُ؟» قالَها ثَلاثًا، ثم قال رَجُلٌ: يا رَسولَ الله، أَرَأَيْتَ إن أُكرهْتُ حَتَّى يُنطَلَقَ بي إلى أَحَدِ الصَّفَّينِ، فيَضْرِبَني رَجُلٌ بسَيفِه، أو يَجيءَ سَهمٌ فيَقْتُلَني؟ قال: «يَبوءُ بِإِثمِكَ وإثمِه فيكونُ مِن أصحابِ النَّارِ».

****

 قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بكرة: «إنَّها سَتَكون فتنٌ، القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشي والماشي فيها خيرٌ من القاعد» هذا الحديث مفاده التحذير من عِظَم هذه الفتن، والحث على تجنبُّها والهرب منها، وأنَّ شرَّها يكون على حسب التعلق بها، والمقصود الفتن العامة العظيمة المهلكة كاختلال الأمن وضياع الولاية، وشق عصا الطاعة، فهذه الأمور الخطيرة لا بُدَّ أن يتأنى المرء إزاءها، وأنَّ لا يتعلَّق بها ولا يستشرفها ولا يدخل فيها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي» ففي هذه الحالة ينبغي للمسلم أن يتجنب الفتن، وينشغل عنها، ولهذا حثَّ صلى الله عليه وسلم المسلم على اعتزال هذه الفتن، بدعوته لصاحب الإبل أن يلحق بإبله،


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2887).