×
شرح كتاب الكبائر

عن ابن عَمرو قال: كُنّا مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فنَزَلْنا مَنزِلاً، فمِنّا مَنْ يُصْلِحُ خِباءَهُ، ومِنَّا مَنْ يَنتَضِلُ، ومِنَّا مَنْ هُوَ في جَشَرِهِ، إذ نادَى مُنادي رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم: الصَّلاةُ جامِعَةٌ. فاجتَمَعْنا إلى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إِنَّه لم يَكُنْ نَبِيٌّ قَبلي إلاّ كان حَقًّا عليه أن يَدُلَّ أُمَّتَه عَلَى خَيرِ ما يَعلَمُه لهم، ويُنذِرَهُم شرَّ ما يَعلَمُه لَهُم، وإنَّ أُمَّتَكُم هذِهِ جُعِلَ عافِيتُها في أوَّلِها، وسَيُصِيبُ آخِرَها بَلاءٌ وأُمورٌ تُنكِرونَها، وتَجِيءُ الفِتنَةُ فيُرَقِّقُ بَعضُها بَعضًا، وتَجِيءُ الفِتنةُ فيقول المُؤْمِنُ: هذِهِ مُهلِكَتي، ثُمَّ تَنكَشِفُ، وتَجِيءُ الفِتنَةُ فيقول المُؤْمِنُ: هذِهِ هذِهِ، فمَن أحَبَّ أنْ يُزَحْزَحَ عنِ النَّارِ ويَدخُلَ الجَنَّةَ فلَتأْتِهِ مَنِيَّتُه وهو يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ».

****

 أما حديث ابن عمرو الطويل: «كنا مع النبيِّ في سفرٍ فنزلنا منزلاً» فهو حديثٌ عظيم، وفيه من التوجيه النبوي الشيء الكثير لا سيّما في زمن الفتن. كانوا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم فنزلوا وتفرَّق الناس في أشغالهم، وبينما هم كذلك إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلاةَ جامعةً» أي: احضروا للصلاة، فلما اجتمعوا، أخبر صلى الله عليه وسلم ما يكون من الفتن لكي يستعدوا لها، وأخبر أن أولها يحصل في عهده صلى الله عليه وسلم ثم في عهـد الخلفاء الراشدين والصحابة والقرون المفضلة وهي خير القرون كما قال: «خَيْرُكُم قَرني، ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهُم ثُمَّ الذين يَلُونَهُم»([1])، ثم بعد هذه القرون المفضلة تحدث الشرور والفتن، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «حتى يرقق بعضها بعضًا» أي: يصير بعضها رقيقًا، أي: خفيفًا لعِظَم ما


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2651)، ومسلم رقم (2535).