×
شرح كتاب الكبائر

بعده، فالثاني يجعل الأول رقيقًا، فتكون كل فتنة أشد مِنَ التي قبلها، وإذا جاءت الفتنة، فإن المؤمن يظن أنه سيهلك فيها، ثم تنكشف، ثم تأتي أخرى «فيقول المؤمن: هذه هذه» يعني: هذه مهلكتي. ثم بيَّن صلى الله عليه وسلم ما تدفع به هذه الفتن.

حيث حثَّ صلى الله عليه وسلم على اجتماع الكلمة وطاعة ولي أمر المسلمين، فإنَّ الإمام يكون سترًا للرعية وحجابًا دونها يدرء الله به الفتن، فالأمة تتعاون معه، ويكون لهم دولة فيخشاهم أعداؤهم، فمن الفتن أنه إذا كان المسلمون مجتمعين على إمام واحد ثم جاء من يريد أن يفرّق أمر المسلمين ويشق العصا فإنَّ دفع شره يكون بقتله، مثل دعاة التكفير الذين يكفرون ولي الأمر والمسلمين، فهؤلاء لا بُدَّ من قتلهم لإزالة شرهم، لأنهم يسعون في هلاك المسلمين، وتشتيت جمعهم وتفريق كلمتهم.

وفي الحديث من الفوائد أنَّ الأنبياء يهتمون بأمر الأمة، فيدلونهم على الخير، ويُحذرونهم من الشر، ومن ذلك تحذيرهم من الفتن، وأعظمهم تحذيرًا منها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنَّ هذا شأن النبيين وأتباعهم إلى يوم القيامة.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «سَيُصيب آخِرَها بلاءٌ وأمور تنكرونها» إخبار منه صلى الله عليه وسلم بأنه سيكون هناك اختبار وامتحان وأمور تنكر مخالفةً لما كان في أولها من الخير، وبأنه ستشتد الفتن في آخر الزمان، فتكون كلّ واحدة أشدّ من التي قبلها، ثم بيَّن ما تحصل به السلامة من هذه الفتن فقال: «فَمن


الشرح