×
شرح كتاب الكبائر

ولهما ([1]) عن المقداد رضي الله عنه قلت: يا رسول الله، أَرأَيتَ إنْ التقيت أنا ورَجلٌ مِنَ الكُفَّار، فاقتَتَلنا، فضَرَب إحدَى يَديَّ بالسَّيفِ فقَطَعَها، ثُمَّ لاذَ مِنِّي بِشَجرَةٍ فقال: أَسلَمتُ لله، أَأَقتُلُهُ؟ قال: «لا تَقتُلْهُ، فإنَّكَ إن قَتلْتَه، فَإنَّه بمَنزِلَتِكَ قَبْلَ أن تَقتُلَه، وأنتَ بمَنْزِلَتِه قَبلَ أن يَقولَ كَلِمَته التي قالَها».

****

 قول المقداد في ثاني أحاديث الباب: «يا رسول الله، أَرَأَيْتَ إن لَقِيَني رَجُلٌ مِنَ الكُفَّارِ فاقتَتَلْنا» يدلُّ على تحريم قتل المسلم، حتى وإن كان إسلامه حديثًا، فهو يسأل النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لو التقى مع الكافر في الجهاد وقطع الكافر يد المسلم، ثم أراد المسلم أن ينتقم منه فقال الكافر: أسلمت، هل يجوز أن يقتله؟ فقال له النبي: «لا تقتله»، لأنه أصبح مسلمًا وأصبح دمه حرامًا، ولهذا قال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «فإنَّكَ إن قتلته فإنَّه بمنزلتك» يعني صار مُصانَ الدم بالإسلام مثلك، «وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها» أي: أنت بعد قتلك له تكون غير معصوم الدم ولا محرَّم القتل قصاصًا، وليس معنى «بمنزلته» أنك تكفر، فمن دخل في الإسلام فإنه يُكَفُّ عنه، فإن ثبت على إسلامه حرم دمه وماله، وإن دخل، وظهر منه ما يخالف الإسلام، حكم عليه بالردّة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4019)، ومسلم رقم (95).