×
شرح كتاب الكبائر

وقوله: «التقوى هاهنا» أي أنَّ العبرة بما في القلوب وليست بالهيئات، فالقلب هو محط نظر الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله لا ينظر إلى صُوَرِكُم وأمْوالِكُم، ولكن ينظر إلى أعمالِكُم وقُلوبِكُم»([1]). وأما المظاهر فلا عبرة بها، وقد قال الله عز وجل عن المنافقين:. ﴿وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ[المنَافِقون: 4]، يعني: منظرهم جميل ولهم فصاحة في القول، لكنهم في الدرك الأسفل من النار، وذلك لفساد قلوبهم، ولكن قد يغلط بعض الناس في هذه المعنى، فتجده إذا ما نُهِيَ عن معصية كحلق لحية أو عدم التزام بسنة، بادرك بالقول: التقوى في القلب، ويُفسر كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بغير معناه، نعم المدار على القلب لكن المعاصي تدلُّ على أنَّ القلب فيه فساد، فلو كان بالقلب تقيًّا لما ارتُكبت المعصية!

وقوله: «وأشارَ إلى صَدرِه ثلاثَ مرَّاتٍ»، هذا من باب التأكيد على أن العبرة ليست بالمظاهر، وإنما العبرة بما في القلوب، وأنَّ القلب إذا كان تقيًّا ظهرت آثار التقوى على الأفعال والأقوال، وإن كان فاسدًا ظهر ذلك على الأقوال والأعمال.

وقوله: «بِحَسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخاه» أي يكفيه من الشر وهذا فيه تحذير عظيم من ذلك، فمَن حقَّر مسلمًا من المسلمين فقد حقَّر ما عظَّم الله عز وجل.

وقوله: «بحسب امرىءٍ » أي: حَسبُه وكافيه، من صفات الشر ورذائل الأخلاق احتقار أخيه المسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2564).