×
شرح كتاب الكبائر

ثم قال سبحانه: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ لا فضلَ لعربيٍّ على أعجميٍّ ولا لعجمي على عربي ولا لأحمرَ على أسودَ ولا أسودَ على أحمر إلا بالتقوى»([1]) وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ، فهذا دستور عظيم، لو أنَّ الأمة سارت عليه لذهب ما بينها من الحزازيات والخلافات.

وأما قوله تعالى: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ[المَائدة: 54]، أول الآية: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ[المَائدة: 54]، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم[محَمَّد: 38] وقوله في هذه الآية:  ﴿يُحِبُّهُمۡ فيه إثبات أنَّ الله سبحانه يحب، فهو يحب المؤمنين والمحسنين والمتطهرين، وهم يحبون الله حبًّا شديدًا، لا تعدل محبته في قلوبهم شيئًا من الأشياء، وهذا أعظم أنواع العبادات، لأنَّ العبادة في الأصل مبنيةٌ على محبة الله قال الإمام ابن القيم:

    وعبادة الرحمن غاية حبه             مع ذُلِّ عابده هما قطبانِ

وعليهما فلك العبادة دائرٌ                ما دار حتى قامت القطبانِ

   ومداره بالأمر أمر رسوله                     لا بالهوى والنفس والشيطانِ

وهذا فيه الولاء لله والبراء مما سواه والولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (23489).