×
شرح كتاب الكبائر

ولقد وقع التحاسد من ابنَي آدم، فقد قال الله تعالى: ﴿وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَيۡ ءَادَمَ[المَائدة: 27] إلى آخر الآيات في ذكر قصتهما، فلقد حسد أحدهما الآخر، فهدده بالقتل ثم قتله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُقتَلُ نَفْسٌ إلاَّ كانَ على ابنِ آدمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِنها»([1]).

وكذلك كان الحسد سببًا لكُفر بني إسرائيل لما حسدوا نبينا صلى الله عليه وسلم، وحسدوا هذه الأمة على ما أعطاها الله من فضله، حسدوا النبي صلى الله عليه وسلم فجحدوا رسالته وهم يعلمون أنه نبيٌّ، فنالوا لعنة الله تعالى وغضبه بسبب هذا الحسد، فعلى المسلم أن يحذر كل الحذر من الحسد، ولقد حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «دَبَّ إِلَيكُم داءُ الأُمَمِ: الحَسَدُ والبَغْضَاءُ»([2]).

قوله: «ولا تباغضوا» أي: اجتنبوا الأشياء التي تسبب التباغض بينكم، لأنَّ الأصل في علاقة المؤمنين بعضهم ببعض أن تكون قائمة على المحبة المتبادلة.

وقوله: «ولا تناجشوا» النجش: هو الزيادة في سوم السلعة، كأن تكون سلعة معروضة للبيع فيأتي ويزيد أحدُهم في ثمنها وهو لا يريد شراءها إما للإضرار بالمشتري، أو لينفع صاحب السلعة، فهذا منهيٌّ عنه، أما إن كان لك فيها رغبة وزدت في ثمنها لتشتريها وتصير إليك فهذا لا شيء فيه، لكن إن لم يكن لك بها حاجة فلا يجوز لك أن تزيد


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6867)، ومسلم رقم (1677).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2510)، وأحمد رقم (1412).