×
شرح عمدة الفقه الجزء الثاني

يقال له: السلم لغة أهل الحجاز، والسلف لغة أهل العراق، والمعنى واحد، وإن اختلفا، وهو تعجيل الثمن، وتأجيل المثمن، وهو بيع يشترط له ما يشترط في البيع، ولكنه يزيد على شروط البيع بشروط خاصة، تضاف إلى شروط البيع.

قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرًا، وهم يسلمون في الثمار؛ لأنهم أهل زراعة ونخيل، يسلمون في الثمار السنة والسنتين، أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولكنه وضع شروطًا: أن يكون المسلم فيه معلومًا، وأن يكون الأجل معلومًا أيضًا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ([1])، وأقرهم على ذلك، وهذا في الحقيقة يغني عن الربا، فالبنوك الآن والشركات والمصانع يأخذون النقود بالربا بزيادة، فيكون بيع نقود بنقود مؤجلة بزيادة، فيجتمع زيادة ربا الفضل، وربا النسيئة - والعياذ بالله - والإسلام جعل السلم مغنيًا عن الربا، وهو عقد صحيح، وعقد مباح، وفيه مصلحة للطرفين.

قوله رحمه الله: «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِيْنَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُوْنَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ»؛ يعني: يكون الأجل سنة واحدة، اثني عشر شهر، أو سنتين، فالأجل يجوز أن يكون طويلاً، وأن يكون قصيرًا، لكن بشرط أن يحدد.

قوله رحمه الله: «فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِيْ تَمْرٍ»»؛ لأنهم أهل نخيل وأهل زراعة.

قوله رحمه الله: «فَلْيُسْلِفْ فِيْ كَيْلٍ مَعْلُوْمٍ»؛ إن كان المسلم فيه مما يكال.


الشرح

([1])  أخرجه البخاري رقم (2240)، ومسلم رقم (1604).