×
شرح عمدة الفقه الجزء الثاني

بابُ القَوَدِ فِي الجُرُوْحِ

**********

يَجِبُ القَوَدُ فِيْ كُلِّ عُضْوٍ بِمِثْلِهِ، فَتُؤْخَذُ العَيْنُ بِالعَيْنِ، وَالأَنْفُ بِالأَنْفِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الجَفْنِ وَالشَّفَةِ، وَالِّلسَانِ وَالسِّنِّ، وَاليَدِ وَالرِّجْلِ، وَالذَّكَرِ، وَالأُنْثَيَيْنِ بِمِثْلِهِ، وَكَذلِكَ كُلُّ مَا أَمْكَنَ القِصَاصُ فِيْهِ.

وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُكَافِئًا لِلْجَانِيْ، وَكَوْنُ الجِنَايَةِ عَمْدًا، وَالأَمْنُ مِنَ التَّعَدِّيْ، بِأَنْ يُقْطَعَ مِنْ مِفْصَلٍ، أَوْ حَدٍّ يَنْتَهِيْ إِلَيْهِ، كَالْمُوْضِحَةِ ([1]) الَّتِيْ تَنْتَهِيْ إِلَيْهِ العِظَامُ، فَأَمَّا كَسْرُ العِظَامِ، وَالقَطْعُ مِنَ السَّاعِدِ وَالسَّاقِ، فَلا قَوَدَ فِيْهِ. وَلا قَوَدَ فِيْ الجَائِفَةِ ([2])، وَلا فِيْ شَيْءٍ مِنْ شِجَاجِ الرَّأْسِ، إِلاَّ الْمُوْضِحَةِ، إِلاَّ أَنْ يَرْضَى فِيْمَا فَوْقَ المُوْضِحَةِ بِمُوْضِحَةٍ، وَلا فِيْ الأَنْفِ إِلاَّ مِنَ الْمَارِنِ ([3])، وَهُوَ مَا لانَ مِنْهُ.

**********

الشرح

قوله رحمه الله: «بابُ القَوَدِ فِي الجُرُوْحِ»، الجروح قصاص، ﴿وَكَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِيهَآ [المائدة: 45]، أي: في التوراة، ﴿أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ وَٱلۡعَيۡنَ بِٱلۡعَيۡنِ وَٱلۡأَنفَ بِٱلۡأَنفِ وَٱلۡأُذُنَ بِٱلۡأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصٞۚ [المائدة: 45]، فيقتص في الجروح فيما دون النفس.


الشرح

([1])  (الموضحة): الشجة التي تصل إلى العظام، وهي التي تخرق السمحاق، وتوضح العظم. انظر: تهذيب اللغة (5/ 102)، ومختار الصحاح (1/ 341).

([2])  (الجائفة): هي الطعنة التي تنفذ إلى الجوف. انظر: النظم المستعذب (1/ 173)، ومادة (ج و ف) في لسان العرب (9/ 35).

([3])  (المازن): ما دون قصبة الأنف، وهو ما لان من الأنف، وخلا من العظم، والجمع موارن. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه (1/ 297)، والمصباح المنير (2/ 569).