فاستاق الصحابة رضي الله عنهم القطيع الذي شرطوه عليهم، لكنهم لم يتصرفوا
فيه، حتى يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وهكذا يكون المسلم لا يقدم على
شيء حتى يعرف الحكم الشرعي فيه، فجاؤوا إلى المدينة، ومعهم قطيع الغنم، فأخبروا
النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل، فقال: «إِنَّ
أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» ([1]).
فهذا دليل على صحة الجعالة، وأيضًا: فيه دليل على أخذ الأجرة على الرقية،
وقراءة القرآن، وتعليمه، وأنه يجوز ذلك.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟» ([2])، الفاتحة رقية،
وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا
يُدْرِيكَ» كلمة تعظيم: ﴿وَمَآ
أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡقَارِعَةُ﴾ [القارعة: 3]، ﴿وَمَآ
أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ﴾ [القدر: 2]، ﴿وَمَآ
أَدۡرَىٰكَ مَا يَوۡمُ ٱلدِّينِ﴾ [الانفطار: 17]، هذه كلمة تعظيم وتفخيم، فالرسول صلى
الله عليه وسلم قال: «وَمَا يُدْرِيكَ
أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟»، ولهذا من أسماء الفاتحة: الرقية، والشافية، وأم
القرآن،... إلخ.
قوله صلى الله عليه وسلم: «وَمَا
أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ»، يريد: أن
يطيب خواطرهم بذلك، وأن يريحهم من الشكوك؛ حيث إنه صلى الله عليه وسلم شاركهم فيه،
فهو حلال.
قوله رحمه الله: «وَلَوْ
الْتَقَطَ اللُّقَطَةَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ الْجُعْلُ، لَمْ يَسْتَحِقَّهُ»
من شرط صحة الجعالة: أن العامل الذي قام بالعمل الذي جعل عليه الجعل يعلم بها، فإن
قام بالعمل وهو لم يعلم، لم يستحق شيئًا؛ لأنه متبرع.
**********
الصفحة 3 / 670
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد