×
شرح عمدة الفقه الجزء الثاني

قوله رحمه الله: «وَالأَشْرِبَةُ كُلُّهَا مُبَاحٌ، إِلاَّ مَا أَسْكَرَ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ كَثِيْرُهُ وَقَلِيْلُهُ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ»، الأشربة - مثل: الماء واللبن، والمرق - كلها مباحة، إلا ما كان مسكرًا؛ لأن الله حرم المسكر، ولعن شارب الخمر، وتوعده بأشد الوعيد: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ [المائدة: 91]، فالخمر قبيح شديد التحريم، وهو: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» ([1])، هذا ضابط الخمر، وليس خاصًّا بعصير العنب، لا، بل كل «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»، من أي مادة كان، حتى لو اتخذه من التمر ومن غيره، إذا تخمر، فإنه يجب إراقته، ويحرم شربه.

قوله رحمه الله: «لِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ»»، هذه القاعدة: كُل مُسْكِر - من أي مادة كان - فهو خمر.

قوله رحمه الله: «وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ»، قل أو كثر - ولو جرعة منه - حرام.

قوله صلى الله عليه وسلم: «وَمَا أَسْكَرَ الفَرَقُ مِنْهُ، فَمِلْءُ الكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ» والفرق إناء معروف، ما أسكر ملء الفرق منه، فقليله حرام.

قوله رحمه الله: «وَإِنْ تَخَلَّلَتِ الخَمْرُ، طَهُرَتْ وَحَلَّتْ»، تحولت إلى خل، والخل هو العصير الذي لا يصل إلى حد الإسكار.

قوله رحمه الله: «وَإِنْ خُلِّلَتْ، لَمْ تَطْهُرْ»، إذا طهرت بنفسها؛ لأنها يمكن أن تحبس، وتتحول من خمر إلى خل، وتذهب عنها الشد والخمرية، وترجع إلى أصلها، فتباح حينئذٍ، أما إذا خُللت - أي: جعل معه شيئًا يخللها، بأن أضاف إليها شيئًا، وعالجها به، فتخللت بعمل الإنسان، لا بنفسها - فلا تحل.

**********


الشرح

([1])  أخرجه أبو داود رقم (3681)، والترمذي رقم (1865)، وابن ماجه رقم (3392)، والنسائي رقم (5607).