و«أو» في هذه الآية ليست للتخيير، وإنما هي للترتيب حسب الجرائم، فإن
قتلوا وأخذوا المال، فإنهم يُقتلون حتمًا، ويصلَبُون على خشب حتى يراهم الناس: ﴿أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ
يُصَلَّبُوٓاْ﴾، فإن أخذوا المال، ولم يَقتلوا، فإنهم تقطع أيديهم
وأرجلهم من خلاف، تقطع يده اليمنى من مفصل الكف، ورجله اليسرى من مفصل القدم، من
تحت معقد الشراك؛ النعل.
لا تقطع اليد اليمنى والرجل اليمنى، بل يترك له يد يستعملها، ورجل يمشي عليها: ﴿أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ إذا أخافوا الطريق، ولم يَقتلوا، ولم يأخذوا مالاً، ونشروا الرعب في الطرق، فإنهم يُنفون من الأرض؛ أي: يُطردون من البلاد، ولا يُتركون يأوون إلى بلد إلا طردوا منه، هذا مذهب الجمهور، وعند الحنفية: ﴿أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ﴾: أنهم ينفون بالسجن؛ أي: هذا حدهم في كتاب الله والرسول صلى الله عليه وسلم نفذ هذا الحد في أعراب جاؤوا إلى المدينة؛ ليتعلموا من الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما مكثوا في المدينة أصابتهم الحمى؛ لأن المدينة كانت أرضها فيها حمى في ذاك الوقت؛ لكثرة السَبَخ فيها والمياه؛ كما في الحديث: «أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوْا المَدِينَةَ «فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا، وَأَبْوَالِهَا»، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ بِالحَرَّةِ يَعَضُّونَ الحِجَارَةَ» ([1])، هذا حد المحاربين؛ لأن الأمن حق للجميع، فمن اعتدى على الأمن، وأخل به، وأخاف الطرق، فهذا جزاؤه مفصلاً في هذه الآية.
([1]) أخرجه البخاري رقم (1501)، ومسلم رقم (1671).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد