×
شرح عمدة الفقه الجزء الثاني

قوله رحمه الله: «وَإِنْ صَارَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ، لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ»؛ لأن الوصية لا تصح إلا بعد الدين، فإذا كان عليه دين، وأوصى بوصية، فإنها لا تنفذ، إلا إذا سدد الدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالدين قبل الوصية، وأما قوله تعالى: ﴿مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصِي بِهَآ أَوۡ دَيۡنٍۗ [النساء: 11]، الله سبحانه وتعالى قدم الوصية على الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم قدم الدين على الوصية، فدل على أن الوصية في القرآن مقدمة في الذكر فقط؛ لأنها ضعيفة، وليس لها من يدافع عنها، بخلاف الدين، فله من يطالب به، ويأخذه، فهي قُدِّمت في الذكر للاهتمام بها فقط، لا لأنها قبل الدين، بدليل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث بدأ بالدين قبل الوصية، وهو مفسر ومبين للقرآن، صلى الله عليه وسلم.

قوله رحمه الله: «وَلَمْ يَصِحَّ تَبَرُّعُهُ بِهِ»؛ لأن الدين مقدم على الوصية، ولا تنفذ، إلا إذا خرجت بعد الدين، فإذا استغرق الدين التركة، ألغيت وصيته؛ لأنها لا مكان لها.

قوله رحمه الله: «وَلَوْ وَصَّى بِشَيْءٍ، فَلَمْ يَأْخُذْهُ الْمُوْصَى لَهُ زَمَانًا، قُوِّمَ عَلَيْهِ وَقْتَ الْمَوْتِ لا وَقْتَ الأَخْذِ»، إذا أوصى لأحد بشيء من المال، فالموصى له لم يقبضه، بل تساهل في القبض حتى مضت مدة، فإنه لا يستحق إلا قيمة الشيء، هذا وقت الموت، لا وقت الأخذ، ويُقَوَّم هذا الشيء في وقت موت الموصي، لا وقت أخذ الموصى له، إذا تأخر في ذلك؛ لأن الاعتبار بحالة موت الموصي، لا بحالة أخذ الموصى له.


الشرح