أي: بينكم وبين عدو خفت
منهم أن ينقضوا العهد، ﴿فَٱنۢبِذۡ
إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ﴾ [الأنفال: 58]، أحطهم خبرًا وعلمًا أن العهد الذي بينك
وبينهم قد انتهى، ولا تغدر بهم، هذا عدل الإسلام ووفاؤه، وفيه: احترام الإمام،
وإجراءات إمام المسلمين، وعدم الاعتراض عليها.
قوله رحمه الله: «وَإِنْ سَبَاهُمْ
كُفَّارُ آخَرُوْنَ، لَمْ يَجُزْ لَنَا شِرَاؤُهُمْ»، لو كان بين الكفار حرب،
وسبى بعضهم بعضًا من الذين بيننا وبينهم أمان، فصاروا أرقاء للكفار الآخرين، لم
يجز لنا أن نشتري منهم؛ لأن بيننا وبينهم أمانًا فلا نجيز هذا الرق.
قوله رحمه الله: «وَتَجِبُ الهِجْرَةُ
عَلى مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلى إِظْهَارِ دِيْنِهِ فِيْ دَارِ الحَرْبِ»،
الهجرة هي الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام؛ فرارًا بالدين، وهي قرينة
الجهاد في سبيل الله، المهاجرون لهم فضل عظيم، قدم الله المهاجرين على الأنصار
بفضل الهجرة، فالهجرة فيها فضل عظيم، ولأهلها ميزة على غيرهم؛ حيث فروا بدينهم،
وتركوا وطنهم مع أن الإنسان يحب وطنه محبة طبيعية، قال الشاعر:
نَقِّلْ فُؤَادَكَ مَا اسْتَطَعْتَ مِنَ الْهَوَى **** مَا
الْحُبُّ إِلا لِلْحَبِيبِ الأَوَّلِ
كَمْ مَنْزِلٍ فِي الأَرْضِ يَأْلَفُهُ الْفَتَى **** وَحَنِينُهُ
أَبَدًا لأَوَّلِ مَنْزِلِ
حتى البهائم إذا نُقلت من مكان تربيتها إلى مكان آخر، فإنها إذا انفلتت،
تذهب إلى أصل مقرها؛ ليجدوها فيها؛ لأن حب هذا الوطن دخل في قلوبها، وألفتها،
فمحبة الوطن محبة طبيعية، والمهاجرون تركوا أوطانهم مع محبتها، وآثروا ما يحبه
الله على ما يحبونه هم: ﴿قُلۡ إِن كَانَ
ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ
وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ
تَرۡضَوۡنَهَآ﴾ أي: وطنكم ﴿أَحَبَّ
إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ﴾؛ أي: انتظروا ما
يحل بكم من العقوبة،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد