﴿حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ
بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ﴾ [التوبة: 24]،
فالمهاجرون تركوا أوطانهم، وهم يحبونها، وهاجروا إلى المدينة، وهي غير بلادهم؛
فرارًا بدينهم من الكفار، هاجروا هجرتين، بعضهم هاجر إلى الحبشة لما اشتد أذى
الكفار للمسلمين - قبل الهجرة إلى المدينة - عند النجاشي ملك الحبشة، وقال صلى
الله عليه وسلم: «لَوْ خَرَجْتُمْ إلَى
أرضِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّ بِهَا مَلكًا لاَ يُظْلَم عِنْدَهُ أحدٌ»، وكان فيهم
عثمان بن عفان رضي الله عنه هاجر الهجرتين: هجرة إلى الحبشة وهجرة إلى المدينة؛
خرجوا فرارًا بدينهم، ثم إن الله منَّ على النجاشي، وأسلم لما رأى الإسلام، وسمع
القرآن، بكت عيناه، ثم أسلم رضي الله عنه: ﴿وَإِذَا
سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰٓ أَعۡيُنَهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ﴾ [المائدة: 83].
قوله رحمه الله: «وَتَجِبُ
الهِجْرَةُ عَلى مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلى إِظْهَارِ دِيْنِهِ فِيْ دَارِ الحَرْبِ»،
من لم يقدر على إظهار دينه، ولم يتمكن من أن يظهر دينه - أن يدعو إلى التوحيد، أن يأمر
بالمعروف وينهى عن المنكر، أن يقيم الصلاة - تجب عليه الهجرة إلى بلد يتمكن من ذلك
فيها، والله جل وعلا توعد الذين بقوا في ديارهم، وتركوا الهجرة إلى بلادٍ يأمنون
فيها بأشد الوعيد.
قوله رحمه الله: «وَتُسْتَحَبُّ
لِمَنْ قَدِرَ عَلى ذلِكَ، وَلا تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ مَا قُوْتِلَ الكُفَّارُ،
إِلاَّ مِنْ بَلَدٍ بَعْدَ فَتْحِهِ»؛ لهذا قال جل وعلا في وعيد من ترك الهجرة
وهو يقدر عليها: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ﴾ [النساء: 97]،
هؤلاء في بلاد الكفار، والملائكة يسألون: فيم كنتم؟ ينكرون عليهم بقاءهم في بلاد
الكفار، ﴿قَالُواْ كُنَّا
مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ﴾، ما نتمكن من إظهار ديننا، قالت لهم الملائكة: ﴿أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ
وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ
وَسَآءَتۡ مَصِيرًا﴾ [النساء: 97]،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد