{تَنزِيلَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ﴾
أي: إن هذه الرسالة وهذا القرآن من الله عز وجل، فهو الذي أرسل هذا الرسول، وهو الذي
أنزل هذا الكتاب، وهو العزيز، يعني القوي الذي لا يُغالَب، الرحيم بعباده جل وعلا.
والحكمة
في ذلك، في إنزال هذا القرآن وفي بعث هذا الرسول، {لِتُنذِرَ قَوۡمٗا﴾:
يعني: لتبيِّن لهم وتُخوِّفهم بالله عز وجل، وتنبهِّهم على طريق الصواب وطريق الهدى،
وتحذِّرهم وتنذرهم من طريق الشِّرك وطريق النار. والمراد بهؤلاء القوم: العرب.
لأن
النبي صلى الله عليه وسلم بُعِثَ فيهم أصالةً وغيرهم تبعًا، وإلا فهو صلى الله عليه
وسلم بُعِثَ لجميع الثقلين الجن والإنس؛ كما قال تعالى: {قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ
إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا﴾ [الأعراف:
158]، وقال تعالى: {وَمَآ
أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾
[الأنبياء: 107]، وقال تعالى: {تَبَارَكَ ٱلَّذِي
نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1]، وقال تعالى: {وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ
بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا﴾ [سبأ: 28]،
فرسالته عامة، وإن كان قد بُعِثَ في العرب، فهو صلى الله عليه وسلم مبعوث لجميع الجن
والإنس، فرسالته عامة عليه الصلاة والسلام، ولكنه بدأ بإنذار العرب وهذا من التدرج
في الإبلاغ، والتدرج في تبليغ الرسالة، فهو يبلِّغ العرب، ويبلِّغ غيرهم؛ ولهذا كتب
صلى الله عليه وسلم إلى الملوك، إلى كسرى وقيصر، يدعوهم إلى الإسلام؛ لأنه رسول إليهم.
{مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمۡ﴾
لا منافاة بين هذا وبين ما ذكره السائل من أن الله قد بعث في كل أمة رسولاً {وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا﴾ [النحل: 36]؛ لأن العرب لم يأتِهم بعد إسماعيل عليه السلام
رسول منهم، إلى أن جاء محمد صلى الله عليه وسلم فلم يُبعَث في العرب رسول بعد إسماعيل
إلا ابنه محمد صلى الله عليه وسلم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد