×
مجموع الفتاوى الجزء الأول

 فلا يبصر ما حوله، وهذا بسبب أنهم أعرضوا عن آيات الله ولم تَصِلْ إلى شغاف قلوبهم، ولم يَصِلْ نورها إلى أفئدتهم، فهم صاروا في ظلمات وفي تردُّد وفي زيغ والعياذ بالله، وهذا يحصل لكل من خالف الرسول صلى الله عليه وسلم واستكبر عن دعوته إلى يوم القيامة، نسأل الله العافية والسلامة.

سؤال: يقول الله تعالى في سورة يس: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ [يس: 78]، ما معنى هذه الآية؟

الجواب: معنى هذه الآية ذكر جحد الكافر للبعث، وقبلها قوله تعالى: {أَوَ لَمۡ يَرَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقۡنَٰهُ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ ٧٧ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ ٧٨ قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ ٧٩ [يس: 77- 79]، فهذا الكافر يجحد البعث ويَكْفُر به ويستبعد أن يُعِيدَ اللهُ العِظامَ بعدما تفتَّتتْ وضاعَتْ في الأرض وصارَتْ ترابًا، يستبعد قدرة الله على إعادتها مرة ثانية، وهذا من جهله، والدليل على قدرة الله تعالى مرتكز فيه هو؛ في هذا الإنسان لو تأمَّلَ، فإن الذي قَدَرَ على خَلْقِهِ أول مرة مِنْ نطفة وهو من ماء مَهِين، أي الماء الضعيف، الذي قَدَر على أن يخلق من هذا الماء الضعيف إنسانًا قويًّا، قادر على إعادته من باب أولى، فإن مَنْ قَدَر على البداءة، فهو قادر على الإعادة من باب أولى، فهو يجحد آية فيه وينكر قدرة الله سبحانه وتعالى على إعادة العِظام وهي رميم وإحيائها مرة ثانية؛ ولهذا قال الله تعالى: {قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ [يس: 79]، فإذا كان أنشأها أول مرة، بعد أن لم تكن، فهو قادر على إعادتها من باب أولى.

***


الشرح