مقدِّمة الشَّارح
الحَمْد للهِ رَبِّ
العَالمين، وصلَّى الله وسلَّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وَأَصْحَابه أَجْمَعِينَ.
وبعد:
هَذَا المختَصَر من
تأليف الشَّيْخ: بدر الدِّين بْن بلبان من عُلَمَاء القَرْن الحَادِي عشر، والعلماء رحمهم
الله دَرَجُوا فِي التَّأْلِيف فِي الفِقْه وغيره عَلَى أن يَجعَلُوه مراحل
يَبدَؤون بالمختَصَرات، ثُمَّ المتوسِّطات، ثُمَّ المُطَوَّلات؛ لأجْل التَّدَرُّج
بِطَالِبِ العِلْم شَيْئًا فشيئًا؛ لأن العِلْم لا يُؤْخَذ دفعةً وَاحِدَةً،
وَإِنَّمَا يُؤْخَذ شَيْئًا فشيئًا، فمِن أَجْلِ التَّسْهِيل عَلَى طَالِب العِلْم
قَدَّمُوا لَهُ هَذِهِ المختَصَرات فِي بدايات العُلُوم.
والمختَصَر هُوَ: ما قَلَّ لَفْظُه وكَثُرَ مَعْنَاه، فَهُوَ جَمْعُ المعاني الكَثِيرَة تَحْتَ الأَلْفَاظ القليلة، ولا شَكَّ أن الاِخْتِصَار مطلوبٌ فِي المؤلَّفات، والخُطَب، وَالكَلاَم، والتدريس؛ لأجْلِ أن يَستَوعِبَهُ السَّامِع؛ وَلِهَذَا حَثَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى اختصار خُطبَةِ الجُمُعَة وتقصيرها، فَقَوْله: «إِنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ» ([1]) أي: علامةٌ عَلَى فِقهِه؛ لأن هَذِهِ صِفَة تدل عَلَى الفهم والقدرة عَلَى إيصال المعلومات بِلَفْظ قَلِيل، وهذه مهارة فِي العِلْم، فَهَذِهِ المختَصَرات لا يُزهَد فِيهَا؛ لأَِنَّهَا مفاتيح للعلوم، والعلماء أَلَّفوا فِي كل فنٍّ مختصَرًا أو نثرًا ونَظْمًا، فَفِي الفِقْه مختصَرات، وفي الفرائض مختصَرات، وفي النَّحْو مختصَرات، والتفسير وَالحَدِيث، الاِخْتِصَار فِي التَّعْلِيم مطلوب؛ لأجْل أن يَستَوعِبَ الطَّالِب والسامع المَعْنى بِأَلْفَاظ موجَزة، أَمَّا إِذا طال الكَلاَم
([1])أخرجه: مسلم رقم (869).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد