خُطبة
المُصَنِّفِ رحمه الله:
بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
****
قَوْله: «بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» من الآدَاب الشَّرْعِيَّة البَدَاءَة بـ «بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فِي المؤلَّفات، كما قُدِّمَت فِي سُوَر القُرْآن،
نبدأ بها كِتَابَة الرسائل؛ كما كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يكتبها فِي
الرسائل الَّتِي يُرسِلها إِلَى الأقطار، وَكَمَا كَتَبَها نَبِيُّ الله
سُلَيْمَان عليه السلام لَمَّا كَتَبَ إِلَى بلقيس ملكة اليَمَن يدعوها إِلَى
الإِسْلاَم، قَالَ سبحانه وتعالى مُخبِرًا عَنْهَا:﴿قَالَتۡ يَٰٓأَيُّهَا
ٱلۡمَلَؤُاْ إِنِّيٓ أُلۡقِيَ إِلَيَّ كِتَٰبٞ كَرِيمٌ﴾[النمل: 29] وَأَخْبَرَت أن
مضمونه؟ ﴿إِنَّهُۥ
مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ
٣٠ أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ﴾ [النمل: 29- 31]، الشَّاهِد من
هَذَا: أن سُلَيْمَان بدأ بها فِي كِتَابه، وهذه سُنَّة الأَنْبِيَاء عليهم
السلام ومَن اقْتَدَى بهم. خلافًا لِمَن تَأَثَّرَ بالغَرْبِ فصاروا لا يكتبونها
فِي بداية مؤلَّفاتهم.
وَمَعْنَاهَا
الاِسْتِعَانَة بالله، فَقَوْله: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»
مَعْنَاه: الاِسْتِعَانَة بالله عز وجل، فالجارُّ والمجرور «بِسْمِ اللَّهِ»
مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ تَقْدِيرُهُ: أَبْتَدِئُ أو أؤلِّفُ بـ « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»
والاسم: مأخوذٌ من السُّمُوِّ، وَهُوَ الارتفاع، وَقِيلَ: مِن السِّمَة وَهِيَ العَلامَة؛ لأن الاِسْم علامةٌ عَلَى المُسمَّى، «بِسْمِ اللَّهِ» أي: بجميع أَسْمَاء الله؛ لأن المُفرَدَ إِذا أُضِيفَ يَعُمُّ، فَقَوْله: «بِسْمِ اللَّهِ» أي: بكل اسمٍ لله عز وجل، وَأَسْمَاء الله كَثِيرَةٌ، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ﴾ [الأعراف: 180]، ومنها ما بَيَّنَه لَنَا فِي القُرْآنِ وفي السُّنَّة، ومنها ما لم يُبيِّنْه واستأثَرَ بِعِلْمِه، فأسماء الله كَثِيرَةٌ لا تُعَدُّ ولا تُحصَى، وَهِيَ تدل عَلَى عَظَمَتِه سبحانه وتعالى ؛ لأن تَعَدُّدَ الأَسْمَاء يَدُلُّ عَلَى عظمة المسمى.
الصفحة 1 / 311
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد