×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الأول

فصل

ويُسَنُّ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّة فِي سَفَرٍ طَوِيل مُبَاح، ويقضي صلاة سَفَرٍ فِي حضرٍ وعَكسِهِ تامَّةً، ومن نوى إِقَامَةً مُطْلَقَةً بِمَوْضِع، أو أَكْثَر من أَرْبَعَة أَيَّام أو ائتَمَّ بمقيم أَتَمَّ، وإن حُبِسَ ظُلْمًا، أو لَم يَنْوِ إِقَامَةً قَصَرَ أَبَدًا.

****

 هَذَا هُوَ الصِّنْف الثَّانِي من أَصْنَاف أهل الأعذار وَهُوَ المُسَافِر، فقد أَبَاحَ الله لَهُ قَصْرَ الصَّلاَة الرُّبَاعِيَّة إِلَى ركعتين، وَذَلِكَ فِي قَوْله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ إِنۡ خِفۡتُمۡ أَن يَفۡتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْۚ إِنَّ ٱلۡكَٰفِرِينَ كَانُواْ لَكُمۡ عَدُوّٗا مُّبِينٗا [النساء: 101]، ومن السُّنة أَحَادِيث كَثِيرَة قولية وفعلية أن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقصر الصَّلاَة فِي جَمِيع أسفاره من خروجه إِلَى رُجُوعه، وَأَمَّا قَوْله عز وجل: ﴿وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ إِنۡ خِفۡتُمۡ أَن يَفۡتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْۚ إِنَّ ٱلۡكَٰفِرِينَ كَانُواْ لَكُمۡ عَدُوّٗا مُّبِينٗا فَهَذَا لا مَفْهُومَ لَهُ، فَلَيْسَ من شرطِ جَوَاز القَصْر الخَوْف من العَدُوّ، بِدَلِيل أن عمر رضي الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ما بَالُنَا نَقصر وَقَد أَمِنَّا؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» ([1])، فَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَقصر فِي السَّفَر مَعَ الأَمْن، وهذه رخصة بَاقِيَة إِلَى أن تقوم السَّاعَة لهذه الأمَّة، وَهَذَا من تخفيف الله عز وجل عَلَى هَذِهِ الأمَّة؛ لأن السَّفَر فِي الغَالِب مظنة المَشَقَّة، وَهُوَ كما فِي الحَدِيث: «قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ» ([2]) فَهُوَ مظنة المَشَقَّة حَتَّى ولو سَافَرَ عَلَى


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (686).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1804)، ومسلم رقم (1927).