×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الأول

صاحِبِهِ بِغَيْر حَقٍّ لو تَوَضَّأَ به لم تَصِحَّ طهارتُهُ؛ لأن الطَّهَارَة عِبَادَة ولا يُستعمَل فِيهَا شَيْءٌ مُحَرَّمٌ، أَمَّا لو غَسَلَ به النَّجَاسَةَ فإن النَّجَاسَة تزول به مَعَ الإِثْم؛ لأن القَصْد زَوَال النَّجَاسَة، وَقَد زَالَت، وَالنَّجَاسَة لا يُشترَط لها قَصْدُ الإِزَالَة، فلو جَاءَ المَاء أو السَّيْل أو المطر عَلَى ثَوْب مُتَنَجِّسٍ فَنَظَّفَهُ، طَهُرَ بِذَلِكَ وإن كَانَ صاحِبُهُ لم يَقصِد ذَلِكَ؛ لأن هَذَا من بَاب التُّرُوكِ لا يَحتاج إِلَى نِيَّةٍ.

قَوْله: «وغير بِئْر النَّاقَة من ثَمُود» فَلاَ يُكرَه استعماله.

وثمود: هِيَ الأُمَّة الَّتِي كَانَت تَسكُنُ الحِجْرَ بِوادي القُرَى، وَكَانُوا يَنحَتُون الجِبَالَ بيوتًا، ولا تزال مساكنهم بَاقِيَةً عبرةً للمُعتَبِرِين، وَكَانُوا يَعبُدون الأَوْثَانَ، وبَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمْ نَبِيَّهُ صالحًا صلى الله عليه وسلم دعاهم إِلَى تَوْحِيد الله فَأَبَوْا وطَلَبُوا مِنْهُ آيةً، أي معجزةً تدلُّ عَلَى أنه نَبِيٌّ، وَذَلِكَ من بَاب التعنُّتِ، وإلا فَهُم يَعرِفُون أنه صادقٌ، فالله عز وجل أَوْجَدَ لَهُ النَّاقَةَ عَلَى غير المألوف، وَهِيَ نَاقَة فِيهَا لَبَنٌ عَظِيمٌ تَسقِي أهلَ البَلَدِ، وتَشرَبُ مَاءَ البِئْرِ الَّذِي يَرتَوُون مِنْهُ، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ هَٰذِهِۦ نَاقَةٞ لَّهَا شِرۡبٞ وَلَكُمۡ شِرۡبُ يَوۡمٖ مَّعۡلُومٖ [الشعراء: 155]، فالبئر يَوْمًا تَكُون لأهل البَلَد وَالنَّاقَة لا تَشرَب مِنْهُ فِي هَذَا اليَوْم، ويومًا تَشرَب مَاءَ البِئْر ويَحلبُونَها وتَكفِيهم، فعَتَوْا عَن أَمْرِ رَبِّهِم، فكَفَرُوا هَذِهِ النعمة، وعَقَرُوا النَّاقَة، مَعَ أن نَبِيَّهم كَانَ نَهَاهُم عَن ذَلِكَ، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ [الشعراء: 156]، فأَرسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ الصَّيْحَةَ، وَهِيَ الصاعقة الشَّدِيدَة الَّتِي قَطَعَت قلوبهم فِي أَجْوَافهم وماتوا عَن آخِرهم، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلۡمُحۡتَظِرِ [القمر: 31] صَاحَهَا بهم جبريلُ عليه السلام فأَهلَكَتْهُم عَن آخِرهم،


الشرح