×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الأول

وَنَقُول: هَذَا صَحِيح، لَكِن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي الغَالِب يصلي وَحْدَه، كَانَ يُطِيلُ الصَّلاَة، لَكِنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ بالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» ([1]) وبِناءً عَلَى ذَلِكَ وَجَمْعًا بَين الأَدِلَّة قَالَ شَيْخ الإِسْلاَم ابْن تيمية رحمه الله: «كَمَا أَنَّ نفس قيام رمضان لم يُوَقِّت النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فيه عَدَدًا مُعَيَّنًا؛ بل كَانَ هُوَ صلى الله عليه وسلم لا يَزِيد فِي رمضان ولا غَيره عَلَى ثَلاَث عَشَرَة ركعةً، لَكِن كَانَ يُطِيلُ الرَّكَعَات، فَلَمَّا جَمَعَهُم عُمَرُ عَلَى أُبَيِّ بْن كَعْبٍ كَانَ يُصَلِّي بهم عِشْرِينَ ركعةً ثُمَّ يُوتِرُ بِثَلاَث، وَكَانَ يُخِفُّ القراءة بِقَدْرِ ما زَادَ من الرَّكَعَات؛ لأن ذَلِكَ أَخَفُّ عَلَى المأمومين مِنْ تَطْوِيلِ الرَّكْعَة الواحدة، ثُمَّ كَانَ طائفةٌ من السَّلَف يَقُومُون بِأَرْبَعِينَ رَكْعَةً ويُوتِرُون بِثَلاَثٍ، وَآخَرُونَ قَامُوا بِسِتٍّ وثلاثين وأَوتَرُوا بِثَلاَث، وَهَذَا كله سائغٌ، فكيفما قام فِي رمضان من هَذِهِ الوجوه فقد أَحْسَنَ. والأفضل يختلف باختلاف أَحْوَال المُصَلِّينَ فإن كَانَ فِيهِم احْتِمَال لطول القيام فالقيام بعشر ركعاتٍ وثلاثٍ بعدها. كما كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يصلي لِنَفْسِهِ فِي رمضان وغيره هُوَ الأَفْضَل، وإن كَانُوا لا يحتملونه فالقيام بِعِشْرِينَ هُوَ الأَفْضَل وَهُوَ الَّذِي يَعمَل به أَكْثَر المُسْلِمِينَ فإنه وَسَطٌ بَين العَشْرِ وبين الأَرْبَعِينَ، وإن قام بِأَرْبَعِينَ وَغَيرهَا جَاز ذَلِكَ ولا يُكرَه شَيْء من ذَلِكَ. وَقَد نَصَّ عَلَى ذَلِكَ غير واحدٍ من الأَئِمَّة كَأَحْمَدَ وغيره. ومن ظَنّ أنَّ قيام رمضان فيه عددٌ موَقَّتٌ عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يُزَادُ فيه ولا يُنقَصُ مِنْهُ فَقَدْ أَخْطَأَ» وَهَذَا وَاضِح.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (703)، ومسلم رقم (467).