وَهَذَا يَرُدُّ التشدُّد والغلوَّ والشكوكَ،
فالأصل - ولله الحَمْد - الإباحة والطهارة، فَلاَ نَشُقُّ عَلَى أنفُسِنا فِي
هَذِهِ الأُمُور، إلا ما عَلِمْنَا أنه نَجِسٌ فَحِينَئِذٍ نَغسِلُه.
قَوْله: «ولا يَطهُر
جِلْدُ ميتةٍ بدباغٍ» لَمَّا كَانَ من الأَوَانِي ما يُتَّخَذ مِن الجُلُود؛
كالقِرَب والمزودات ذَكَرَ حُكْمَهَا، فإن كَانَت هَذِهِ الجُلُود من جلود الميتة
وَلَمْ تُدبَغ، فَإِنَّهَا لا تَطهُر ولا تَحِلُّ، وإن كَانَت جلود الميتة
مدبوغةً، فَإِنَّهَا تَطهُر عَلَى الصَّحِيح؛ لأن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
رأى شَاةً يجرونها، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «هَلاَّ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا
فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ» فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ.
فَقَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا» ([1])، وفي رِوَايَة
أُخْرَى: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ
يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِمَارِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم: «لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا»، قَالُوا: إِنَّهَا
مَيْتَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ
وَالْقَرَظُ» ([2]) يَعْنِي: أن
الدباغة بالماء والقرظ تُطَهِّر جِلْدَ الميتة، بِشَرْط أن يَكُون من حيوان طَاهِر
فِي الحَيَاة كالغنم والبقر وَالإِبِل، أَمَّا إِذا كَانَ من حيوان نَجسٍ فِي
الحَيَاة مثل: الكلب والخنزير، وَمَا لا يؤكل لَحْمُهُ فإنه لا يَطهُر جِلدُه
بالدباغ.
وَهَذَا خِلاَف
قَوْله: «ولا يَطهُر جِلْدُ ميتةٍ بدباغٍ»؛ لأن الصَّحِيح أنه يَطهُر.
وَقَوْله: «وكل أَجْزَائِهَا نجسة» كل أَجْزَاء الميتة نجسةٌ؛ لأَِنَّهَا خبيثةٌ، واللهُ حَرَّمَ الخَبَائِثَ، مِنْهَا الميتة، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ﴾ [المائدة: 3]، فَالتَّحْرِيم يَشمَل كل أَجْزَاء المَيْتَة الَّتِي تُحِلُّها الحَيَاةُ،
([1])أخرجه: البخاري رقم (2221)، ومسلم رقم (363).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد