وَأَمَّا إن كَانَ يُقِرُّ بِوُجُوبِهَا
وتَرَكَها تكاسُلاً، فالصحيح من قَوْلي العُلَمَاء أنه كافر أَيْضًا؛ لأَِنَّ
اللهَ عز وجل اشتَرَطَ فِي قَبُول إِسْلاَم الكُفَّار أن يقيموا الصَّلاَة، قَالَ ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ
ٱلصَّلَوٰةَ﴾ [التَّوْبَة: 5]، فَإِذَا تابوا وَلَمْ يُقِيموا الصَّلاَة، ولو
اعْتَرَفُوا بها؛ فإنهم لَيْسُوا إِخْوَاننَا ولا نُخَلِّي سبيلهم؛ بل نجاهدهم،
وأيضًا الله عز وجل قَرَنَها مَعَ التَّكْذِيب بالدِّين، قَالَ تَعَالَى فِي آخر
سُورَة القِيَامَة: ﴿فَلَا
صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ﴾ [القِيَامَة: 31]، فجَعَلَ مُقَابِلَ
التَّصْدِيقِ التَّكْذِيبَ، ومقابِلَ الصَّلاَةِ التَّوَلِّيَ، وقَرَنَ تَرْكَ
الصَّلاَة مَعَ التَّكْذِيب بِيَوْم الدِّين، والتكذيب كُفْرٌ به بِإِجْمَاع
المُسْلِمِينَ؛ كَذَلِكَ تَرْكُ الصَّلاَة فِي السُّنة كما فِي صَحِيح مُسْلِم أن
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُل وَبَيْنَ الشِّرْك
وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاَة» ([1]) فما بَين العَبْد
وبين أن يَكفُرَ إلا أن يَترُك الصَّلاَة، وَقَالَ فِي الحَدِيث الآخر: «الْعَهْدَ
الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» ([2])، وَهَذَا
بِإِجْمَاع الصَّحَابَة كما حَكَاهُ عَنْهُم شقيق بْن عَبْد اللهِ التابعي
الجَلِيل، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لاَ يَرَوْنَ
شَيْئًا مِنَ الأَْعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلاَةِ» ([3]) فَهَذَا إِجْمَاع
من الصَّحَابَة يحكيه هَذَا التابعي الجَلِيل، فالذي يَترُك الصَّلاَة متكاسِلاً
كافرٌ الكُفْرَ الأَكْبَرَ المُخرِجَ من المِلَّة.
وَأَمَّا من قَالَ: إنه يَكفُر الكُفْرَ الأَصْغَرَ، ويُفسِّرون قَوْله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْك الصَّلاَةِ» ([4]) بالكفر الأَصْغَر.
([1])أخرجه: مسلم رقم (82).
الصفحة 6 / 311
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد