×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الأول

 ومن السُّنة أَحَادِيث كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ» ([1])، وَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ. فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ؟» فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَأَجِبْ» ([2])، وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم هَمَّ أن يُحَرِّقَ بيوت المتخلفين عَن صلاة الفَجْر عَلَيْهِمْ بالنار، فَدَلَّ عَلَى وُجُوب صلاة الجَمَاعَة؛ لأَِنَّهَا لو كَانَت غير واجبة لما استَحَقُّوا العُقُوبَةَ، وَالَّذِي مَنَعَهُ مِن أن يُحَرِّقَهُم ما جَاءَ فِي الحَدِيث: «لَوْلاَ مَا فِي الْبُيُوتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ، لَأَقَمْتُ الصَّلاَةَ -صَلاَةَ الْعِشَاءِ-، وَأَمَرْتُ فِتْيَانِي يُحَرِّقُونَ مَا فِي الْبُيُوتِ بِالنَّارِ» ([3])، فَهَذه أَدِلَّة واضحة عَلَى وُجُوب صلاة الجَمَاعَة، وأن المُتَخَلِّفَ عَنْهَا يَستَحِقُّ العُقُوبَة، والعقوبة لا تَكُون إلا عَلَى تَرْكِ واجبٍ، وَكَذَلِكَ محافَظَةُ الصَّحَابَةِ عَلَى صلاة الجَمَاعَة، وجاء عَن عَبْد اللهِ بْن مَسْعُود رضي الله عنه أنه قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (551)، وابن ماجه رقم (793)، والحاكم رقم (896).

([2])أخرجه: مسلم رقم (653)

([3])أخرجه: أحمد رقم (8796)