هَذَا الَّذِي أَمَرَ به صلى الله عليه وسلم
الخُطَبَاء، وَالَّذِي يَحدُث من كَثِير من الخُطَبَاء أَنَّهُم يطيلون الخطْبَة
ويقصرون الصَّلاَة، وَهَذَا خِلاَف السُّنة.
تاسعًا: تَكُون «الثَّانِيَة
أَقصَر» أي: تَكُون الخطْبَة الثَّانِيَة أَقصَرَ من الخطْبَة الأُولَى.
عاشرًا:
«وَالدُّعَاء لِلْمُسْلِمِينَ» فيُستَحَب فِي الخُطْبَتَيْنِ الدُّعَاء
لِلْمُسْلِمِينَ: بالنصر وَالتَّوْفِيق والهداية وَإِذَا كَانُوا مُحْتَاجِينَ
إِلَى الغَيْث، أو نَزَلَ بهم ضائقة، فإنه يَدْعُو لَهُم وهم يُؤَمِّنون.
قَوْله: «وأُبيح لِمُعَيَّنٍ كالسلطان» أي: يُبَاح الدُّعَاء لشخص مُعَيَّن فِي الخطْبَة كالسلطان يُدعَى لَهُ بالصلاح والهداية؛ لأنه إمام المُسْلِمِينَ وصلاحه صَلاَح للرعية، فيدعو لَهُ بالصلاح وَالتَّوْفِيق والهداية ولو ذَكَرَ اسمه «قَالَ: فلان» فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَذكُر اسمه حَصَلَ المَقْصُود، وَكَانَ السَّلَف يَدْعُون لولاة الأُمُور فِي الخُطَب وَغَيرهَا، قَالَ الفضيل بْن عياض: «لَوْ أَنَّ لِي دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً ما صَيَّرْتُها إِلاَّ فِي الإِمَام»، فَالدُّعَاء للسلطان مهمٌّ جِدًّا، وَبَعْض المتعالمين أو الثائرين يَقُول: الدُّعَاء للسلطان مَعْنَاه المُحَابَاة والتَّمَلُّق وتشجيع السُّلْطَان عَلَى الجَبَرُوت وَعَلَى الطغيان، وَنَحْنُ لا نتملق بل نَقُول: «اللهم اهْدِهِ، اللهم وَفِّقْهُ، اللهم أَصْلِحْهُ»، فهم يتَّهِمون الَّذِي يَدْعُو بالنفاق، بينما العكس السَّلَف يَقُولُونَ: «إِذا رأيتَ الرَّجُل لا يَدْعُو للسلطان فاتَّهِمْهُ»، يَعْنِي: اتَّهِمْهُ برأي الخَوَارِج والغش للسلطان والرعية، وَقَوْل المُصَنِّف: «أُبِيح» أي يُبَاح ذِكْرُ اسم السُّلْطَان فِي الخطْبَة، ومما سَبَقَ بيانه فِي شَأْن خطبتي الجُمُعَة، يتبين لك أهميتها وعناية الشَّرْع بها. بينما بَعْض النَّاس يتساهل فِيهَا ولا يُعِير لَهُمَا الإعدادَ الجَيِّد. بل يتكلم فِيهِمَا بِكَلاَم يَسُدُّ به الفراغ.
الصفحة 3 / 311
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد