×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الأول

وَهِيَ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَيْسَ بِنَا غِنًى عَنْ رِزْقِكَ، فَإِمَّا أَنْ تَسْقِيَنَا وَإِمَّا أَنْ تُهْلِكَنَا، فَقَالَ سُلَيْمَانُ لِلنَّاسِ: ارْجِعُوا فَقَدْ سُقِيتُمْ بِدَعْوَةِ غَيْرِكُمْ» ([1])، واسْتَسْقَى نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، عَلَى صِفَات متعدِّدة، استسقى عَلَى المنبر فِي خطبة الجُمُعَة، وخَرَجَ بِأَصْحَابِه إِلَى مُصَلَّى العِيدِ فَصَلَّى بهم ركعتين ثُمَّ خَطَبَ وَدَعَا اللهَ سبحانه وتعالى، وَأَمَرَ بِالاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة، وحَثَّ عَلَى الصَّدَقَة قبل الصَّلاَة، فَصَارَ هَذَا سُنَّةً ماضية فِي أُمَّتِهِ، كُلَّمَا أَجدَبُوا واحتاجوا إِلَى المطر فإنهم يتوبون إِلَى الله، ويتقربون إِلَيْهِ، بالصلاة وَالدُّعَاء، فَهَذَا هُوَ الاِسْتِسْقَاء الَّذِي فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم، واستسقى صلى الله عليه وسلم مَرَّة ثَالِثَة من غير خطبة ومن غير صلاة وَإِنَّمَا رَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا الله عز وجل وَأَصْحَابه يُؤَمِّنُون عَلَى دُعَائِهِ فسقاهم الله عز وجل.

وَالاِسْتِسْقَاء لَيْسَ خاصًّا بِأَهْل البَلَد حَتَّى مَن فِي البَرِّ والمسافرون إِذا احتاجوا إِلَى المَاء فإنهم يَسْتَسْقُون ويَدْعُون الله عز وجل، ويُظهِرُون الضراعة؛ لأنه ما حُبِسَ عَنْهُم إلا بِسَبَب ذنُوبهم، فيتوبون إِلَى الله، ويستغفرونه، وَكَمَا هُوَ سُنَّة موسى وسليمان ونبينا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، فَكَذَلِكَ هُوَ سُنَّة الأَنْبِيَاء من قبل، فَهُودٌ عليه السلام قَالَ لقومه: {وَيَٰقَوۡمِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا وَيَزِدۡكُمۡ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمۡ وَلَا تَتَوَلَّوۡاْ مُجۡرِمِينَ [هود: 52]، ونوح عليه السلام قَالَ لقومه: ﴿فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا ١٠ يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا ١١ وَيُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَٰلٖ وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰتٖ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَٰرٗا [نوح: 10- 12]، فَهَذِهِ سُنَّة الأَنْبِيَاء عليهم السلام أَنَّهُم يأمرون


الشرح

([1])أخرجه: ابن أبي شيبة رقم (29487)، والطبراني في الدعاء رقم (968).