×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الأول

فإن السَّامِع أو الطَّالِب يَذهَل عَن مُتابَعَتِه؛ لِهَذَا كَانَت خُطَبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَلِمَات مختصَرات مبارَكات يَحفَظُهُنَّ السَّامِعُ، الاِخْتِصَار مطلوب، لَكِن الاِخْتِصَار يحتاج إِلَى مهارة وَيَحْتَاج إِلَى عناية، ومن هَذِهِ المختصَرات هَذَا المُؤَلَّف المُسمَّى: «أَخْصَر المُخْتَصَرَاتِ» أي: أَشَدَّها اختصارًا؛ مِن أجْلِ أن يَكُون مرحلةً أولى للمبتدئ، والقصد من هَذِهِ المختَصَرات أن تُحفَظ لتكون ذخيرةً عِنْدَ طَالِب العِلْم، الطَّالِب الَّذِي لا يَحفَظُ لا يبقى عِنْدَهُ عِلمٌ، ولو فَهِمَ فِي وَقْتِ الدَّرْس وفي المَجْلِس، ما دام لم يَحفَظ النَّصَّ الَّذِي يُشرَح لَهُ فإنه لن يبقى عِنْدَهُ عِلمٌ، إِذا قام من مجلسه، أو مرت عَلَيْهِ أَيَّام فَلاَ بُدَّ من الحِفْظ مَعَ الفهم، فَلاَ يكفي الحِفْظ بدون فَهمٍ ولو حَفِظتَ المؤلَّفات الكَثِيرَة، ولا يكفي الفهم بدون حِفظٍ، بل لاَ بُدَّ من الاِثْنَيْنِ، هَذِهِ هِيَ الطَّرِيقَة الصَّحِيحَة للتعلم، وهذه هِيَ الطَّرِيقَة الَّتِي دَرَجَ عَلَيْهَا العُلَمَاء قديمًا وَحَدِيثًا؛ لأَِنَّهُم أهل خبرة ومعرفة بالتدريس والتعليم وإيصال المعلومات، وَهَذَا الَّذِي يُسَمُّونَهُ فِي العَصْر الحَدِيث أصول التربية، أي: تربية طالب العِلْم.

هَذَا المختَصَر نال رِضَى العُلَمَاء والمؤلِّفِين فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ يشرحونه، ويوضحونه لِلنَّاسِ، ويَستخرجون ما يشتمل عَلَيْهِ من المسائل، فمِمَّن شَرَحَه البعليُّ فِي كِتَابٍ اسمه: «كَشْف المُخَدَّرَات فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَرات» والمخدَّرات بفتح الدَّال المشدَّدة المراد بها المسائل الخَفِيَّة تشبيهًا لها بِالبَنَاتِ المصونات فِي الخُدُور، وَهَذَا كَانَ قبل أن تأتي الثقافة الغربية الَّتِي طَمَسَت طَرِيقَة التَّعْلِيم، فَهَذِهِ المسائل تُشبه الأَبْكَارَ المصونات فِي خدورها، فَهَذَا الشارح بَيَّنَها وسَمَّاهَا «كَشْفَ المُخَدَّرَاتِ»، والكشف المراد به البَيَان، أي: بَيَان المسائل المستورات، وشَرَحَهُ أَيْضًا الشَّيْخ عثمان بْن جَامع النجدي الَّذِي نشأ فِي


الشرح