لِيَقْرُبَ
تَناوُلُه عَلَى المبتدئِين، ويَسهُل حِفظُه عَلَى الراغبين، ويَقِلَّ حَجمُه
عَلَى الطالبين،
****
والواثق، حَتَّى
نَصَرَه الله عز وجل حينما جَاءَ المتوكِّلُ ونَصَرَ أهلَ السُّنَّة ونَصَرَ
الإِمَامَ أَحْمَدَ وكَرَّمَه وأعَزَّه، فَجَاءَ الفرج من الله سبحانه وتعالى،
واندَحَرَ المُعْتَزِلَة والجهمية وَمَاتَ مذهبهم والحمد لله، هَذَا نتيجة الصبر،
ما دام الإِنْسَان عَلَى حَقٍّ فإنه يَصبِر، أَمَّا إن كَانَ عَلَى خَطَأٍ فإنه
يَرجِع ولا يُكابِر، فَإِذَا كَانَ عَلَى حَقٍّ فإنه يَصبِر ولو ناله ما ناله من
الأَذَى فإن العَاقِبَة للمتقين، حَتَّى لو قُتِل فإنه يَكُون مظلومًا وشهيدًا،
ويكون فِي سَبِيل الله عز وجل، فَهَذِه صِفَة الإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل أنه
صَبَرَ وَصَارَ حُجَّةً لأهل السُّنة، وَصَارَ إمامًا لأهل السُّنة فِي العِلْم
وفي الصَّبْر والثبات عَلَى الحَقِّ رحمه الله.
قَوْله: «لِحُكْم
المَلِك المُبْدِي»، «المَلِك» وَهُوَ الله عز وجل، من أَسْمَاء
الله المَلِك، وَهُوَ «المُبْدِي» قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ
ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ﴾ [الروم: 27]، وَقَالَ سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّهُۥ هُوَ يُبۡدِئُ وَيُعِيدُ﴾ [البروج: 13].
قَوْله: «لِيَقرُب
تناوُلُه عَلَى المبتدئين» أي: الغَرَض من الاِخْتِصَار؛ لأجْلِ أن يَقرُبَ لَهُم
تَناوُلُ هَذَا المختصَر حِفظًا وفَهمًا؛ لأن الكَلاَم الطَّوِيل يُشتِّت
الذِّهنَ، وَأَمَّا المختَصَر فيَسهُل حِفظُه، ويَسهُل فَهمُه، «عَلَى
المبتدئين» أَمَّا الَّذِينَ مَنَّ الله عَلَيْهِمْ بالتقدم فِي العِلْم
فيذهبون إِلَى المطوَّلات، لَكِن المبتدئ لا يَذهب إِلَى المطوَّلات فِي
البِدَايَة، بل يَبْدَأ فِي المختصَرات إن كَانَ يُرِيد طَلَبَ العِلْمِ.
قَوْله: «ويَسهُل
حِفظُه عَلَى الراغبين» المَقْصُود من المُختصَرات أنها تُحفَظ، ولا يكفي
حِفظُها، بل تُحفَظ وتُشرَح وتُبَيَّن، لَكِن الشَّرْح إِذا كَانَ عَلَى حِفظٍ
ثَبُتَ، أَمَّا إن كَانَ الشَّرْح بدون حِفظٍ فإنه يَطِير فِي الهَوَاء.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد