وسَمَّيتُه
أَخْصَرَ المُختَصَرات؛ لأني لم أَقِفْ عَلَى أَخْصَرَ مِنْهُ جَامعٍ لمسائله فِي
فِقهِنَا من المؤلَّفات، واللهَ أسْأَلُ أن يَنفَعَ قارئيه وحافِظِيه وناظِرِيه،
إنه جديرٌ بِإِجَابَة الدَّعَوَات، وأن يَجعَلَه خالصًا لوجهه الكَرِيم،
مُقَرِّبًا إِلَيْهِ فِي جنَّات النَّعيم، وَمَا توفيقي واعتصامي إلا بالله،
عَلَيْهِ توكَّلتُ وإليه أُنِيبُ.
****
قَوْله: «ويَقِلَّ
حَجمُه عَلَى الطالبين»؛ لأن الطَّالِب إِذا رأى صِغَرَ حَجمِهِ نَشَطَ
وحَفِظَه، فالمعلِّم يراعي طَالِبَ العِلْم ويُعلِّمه شَيْئًا فشيئًا، ولا يَشقُّ
عَلَيْهِ ولا يُكلِّفه؛ حَتَّى يَتذوَّق العِلْم، فَإِذَا تَذوَّقَه سَهُلَ
عَلَيْهِ كل شَيْء، أَمَّا قبل أن يَتذَوَّق العِلْمَ فَهُوَ يَنفِرُ ولا يُرِيد
المَشَقَّة.
قَوْله: «وسميتُه
أخصَرَ المختصَرات» يَعْنِي: أَشَدَّ المختصَرَات اختصارًا.
قَوْله: «لأني لم أقف
عَلَى أخصَرَ مِنْهُ جَامعٍ لمسائله فِي فِقهِنَا من المؤلَّفات» يَعْنِي:
مَعَ اختصاره فَهُوَ جَامع، وَهَذَا هُوَ المطلوب، اختصار فِي اللَّفْظ وجمعٌ
لِلْمَعْنى، أَمَّا الاِخْتِصَار الَّذِي لَيْسَ فيه جمعٌ للمعاني، فَهَذَا اختصار
مُخِلٌّ.
قَوْله: «واللهَ
أسْأَل أن يَنفَعَ قارئيه وحافظيه وناظريه» هَذَا دُعَاء من المُؤَلِّف
رحمه الله لِطُلاَّبِ العِلْم، وَهَذَا يدل عَلَى نُصحِه، وحِرصِه عَلَى إفادة
الطلاب، فَهُوَ يَدْعُو لَهُم، يَدْعُو لمن قَرَأَهُ، ولمن نَظَرَ فيه.
قَوْله: «إنه جدير»
يَعْنِي: حقيق «بِإِجَابَة الدَّعَوَات»؛ لأنه عز وجل يَقُول: ﴿ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ
لَكُمۡۚ﴾ [غافر: 60].
قَوْله: «وأن يَجعَلَهُ خالِصًا لوجهِهِ الكَرِيم» المطلوب من التَّأْلِيف
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد