وَالأَرْض، وفي نهاية
الدُّنْيَا وقيام الحِسَاب، قَالَ الله سبحانه وتعالى: ﴿لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡأٓخِرَةِۖ﴾ [القصص: 70]، ﴿وَقُضِيَ بَيۡنَهُم
بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الزمر: 75]، فالحمد لَهُ
سُبْحَانَهُ أولاً وَآخِرًا، وظاهرًا وباطنًا، بجميع المحامد؛ لأن نِعَمَه لا
تُعَدُّ ولا تُحصَى، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ
لَظَلُومٞ كَفَّارٞ﴾ [إبراهيم: 34]، ﴿وَإِن
تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [النحل: 18]، فالحمد المُطلَق
لا يَستَحِقُّه إلا الله عز وجل، وَأَمَّا غَيره فيُحمَد عَلَى قَدْرِ ما فيه من
الخَيْر.
«رَبِّ
الْعَالَمِينَ» الرَّبّ: هُوَ المَالِك والسيد المربي لِخَلقِه بِنِعَمِه، فله
الرُّبُوبِيَّة الكاملة عَلَى خَلقِه سبحانه وتعالى، وَإِذَا أُطلِقَ الرَّبُّ أو
قِيلَ: رَبُّ العَالمين، فَهَذَا لا يَكُون إلا لله، أَمَّا إِذا قُيِّدَ فإنه
يُطلَق عَلَى المخلوق، فيقال: رَبُّ الدَّار، رَبُّ الدَّابَّة، يَعْنِي:
صَاحِبَهَا، فَهِيَ ربوبية مقيَّدة قليلة، لَكِن الرَّبّ المُطلَق لجميع المخلوقات
وَجَمِيع الكائنات هُوَ الله سبحانه وتعالى، وَهُوَ المربي أَيْضًا لِخَلقِه
بِنِعَمِه البدنية، والمربي لِخَلقِهِ بالوحي المُنَزَّل، فيُرَبِّيهم التربية
البدنية بالقُوتِ، ويُربِّيهم التربية القلبية بالوحي المُنَزَّلِ عَلَى الرُّسُل،
والعالمين: جَمْعُ عَالَمٍ؛ لأن الخَلْقَ أَشْكَالٌ، كل شَكْلٍ يُسَمَّى
عَالَمًا: مِنْهُمْ عالَم الجِنِّ، عالَم الإِنْسِ، عالَم البِحَارِ، كل شَكْلٍ
مِن المخلوقات يُسَمَّى عَالَمًا، ورب الجَمِيع هُوَ الله عز وجل.
قَوْله: «الحَمْد لله المُفَقِّهِ مَن شَاءَ مِن خَلْقِهِ فِي الدِّينِ»، مِن أَعظَمِ نِعَمِهِ التَّفْقِيهُ فِي الدِّين، والفقه: مَعْنَاه الفهم، والمـُفَقِّه: الَّذِي يُوفِّق عَبْدَه
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد