للفهم فِي دين الله عز وجل، فالفقيه فِي الدّين
هُوَ الَّذِي يَفهَم مَسَائِل العِلْم من كِتَاب الله ومن سُنَّة رَسُوله صلى الله
عليه وسلم، هَذَا هُوَ الفَقِيه والفقه: هُوَ مَعْرِفَة الأَحْكَام
الشَّرْعِيَّة من أَدِلَّتهَا التفصيلية، وأصول الفِقْه: هُوَ العِلْم
بقواعد يُتوَصَّل بها إِلَى اسْتِنْبَاط الأَحْكَام الشَّرْعِيَّة؛ كمعرفة
الخَاصِّ والعامِّ، والمقيَّد والمُطْلَق، والناسخ وَالمَنْسُوخ، والمُجمَل
والمُبَيَّن، والعامِّ والخاصِّ، وأن الأَمْر يُفِيدُ الوُجُوبَ، وَالنَّهْيَ
يُفِيدُ التَّحْرِيمَ إلا إِذا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى أن الأَمْر للاستحباب أو
للإباحة، أو دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى أن النَّهْي للكراهة، فَهَذَا هُوَ عِلم أصول الفِقْه،
أَمَّا الفِقْه فَهُوَ الحُكْم بأن هَذَا حرامٌ وَهَذَا حلالٌ وَهَذَا مُستَحَب
وَهَذَا مكروهٌ.
والفقه: شَيْء يَجعَلُه اللهُ فِي بَعْض عباده مِنَّةً مِنْهُ سبحانه وتعالى، وأكثر النَّاس لا يَفقَهُون ولا يَفهَمُون، لَكِن الَّذِينَ يَفقَهُون مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَسَبَب الفِقْه هُوَ الإقبال عَلَى التعلم، فالفقه لا يأتي عَفْوًا، بل لاَ بُدَّ من تعاطي أسبابٍ، مِنْهَا: الاِسْتِعَانَة بالله، وَالدُّعَاء، والحرص عَلَى طَلَبِ العِلْم، فَإِذَا فَعَلْتَ الأَسْبَابَ فَقَّهَكَ اللهُ فِي الدِّينِ، أَمَّا إِذا أَعرَضتَ فإنه يَنغَلِق عَلَيْك بَاب الفِقْه؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187]، ﴿وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ﴾ [المنافقون: 7] وَذَلِكَ بِسَبَبٍ مِنْ قِبَلِهِمْ؛ لأَِنَّهُم أَعرَضُوا أو تَكاسَلُوا فحَرَمَهُم اللهُ الفِقْهَ، فَلاَ شَكَّ أن الأَشْيَاء لها أسباب يَفعَلُها العَبْد، فمَن رَغِبَ فِي الفِقْه بِنِيَّةٍ صالحةٍ وتَلَقَّاهُ عَن أهلِهِ وأَقبَلَ عَلَيْهِ، وحَرصَ عَلَيْهِ وَفَّقَهُ اللهُ عز وجل، وفَقَّهَهُ فِي دِينِهِ؛ وَلِهَذَا قَوْله: «المُفَقِّهِ مَن شَاءَ» فَلاَ يَفقَهُ كلُّ أَحَدٍ، بل يَفقَه مَن طَلَبَ الفِقْهَ،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد