×
إِيضَاحُ العبَارَاتِ فِي شَرْحِ أَخْصَرِ المُختَصَراتِ الجزء الأول

المؤيَّد بكتابه المُبِين، المُتمَسِّك بِحَبلِهِ المَتِين وَعَلَى أَهْلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

****

 وَمَا نَزَلَ عَلَيْهِ وَحْيٌ مِن الله إلا وَبَلَّغَه، لَم يَكتُم مِنْهُ شَيْئًا صلى الله عليه وسلم، ولا خَصَّ أحدًا بالعلم دون أَحَدٍ؛ كما تقول الشِّيعَة إنه خَصَّ عَلِيًّا رضي الله عنه دُونَ غَيْرِهِ بِعِلمٍ لم يُبلِّغْهُ غَيْرَهُ، هَذَا من الكذب عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ولا خَصَّ أهلَ البَيْت بِعِلْمٍ دُونَ غَيْرِهِم، ولَمَّا سُئِلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَن ذَلِكَ نَفَاهُ، وأَقسَمَ بالله عز وجل أنه لم يَخُصَّهُم بِشَيْءٍ إلا فَهْمًا يُؤتِيهِ اللهُ من يَشاء، فَلَيْسَ لِعَلِيٍّ خصوصيةٌ بالعِلم دُونَ غَيْرِهِ؛ لأن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بَلَّغَ الرِّسَالَة لِلْجَمِيعِ وَلَمْ يَخُصَّ أَحَدًا دون أَحَدٍ، وعَلَّمَ النَّاسَ جَمِيعًا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖۖ وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ [الأنبياء: 109]، فَهُوَ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ للعرب والعجم وللمؤمنين وللكفار وللجيل الحَاضِر فِي وَقْتِهِ والجيل المستقبَل إِلَى أن تَقُومَ السَّاعَةُ، بَلَّغَ صلى الله عليه وسلم هَذَا الدِّينَ بَلاغًا كَامِلاً، وَمَا تَرَكَ شَيْئًا إلا بَيَّنَهُ لِلنَّاسِ، وَلَمْ يَجحَد شَيْئًا وَلَمْ يَخُصَّ أحدًا دون أَحَدٍ بالبلاغ؛ لأن هَذَا مقتضَى الأَمَانَة مِنْهُ صلى الله عليه وسلم، قَالَ الله سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ [المائدة: 67] فَبَلَّغَ صلى الله عليه وسلم البَلاَغَ المُبِينَ وتَرَكَ أُمَّتَهُ عَلَى البَيْضَاء، وَقَوْله: «تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي» ([1]).

قَوْله: «المؤيَّد بكتابه المُبِين» ما مِن رَسُول إلا وله معجزات تدلُّ عَلَى رسالته، وتُسمَّى الآيَات، والمعجزة: أمرٌ خارقٌ للعادة يُجرِيه


الشرح

([1])أخرجه: الحاكم رقم (319)، والبيهقي رقم (4606).